للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصرفه في شهواته وأما الأموال الظاهرة وهي المواشي والزروع والثمار والمعادن ففي زكاتها قولان: قال في القديم يجب دفعها إلى الإمام فإن فرقها بنفسه لزمه الضمان لقوله عز وجل {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:١٠٣] ولأنه مال للإمام فيه حق المطالبة فوجب الدفع إليه كالخراج والجزية وقال في الجديد يجوز أن يفرقها بنفسه لأنها زكاة فجاز أن يفرقها بنفسه كزكاة المال الباطن.

فصل: ويجب على الإمام أن يبعث السعاة لأخذ الصدقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا يبعثون السعاة ولأن في الناس من يملك المال ولا يعرف ما يجب عليه وفيهم من يبخل فوجب أن يبعث من يأخذ ولا يبعث إلا حراً عدلاً ثقة لأن هذا ولاية وأمانة والعبد والفاسق ليسا من أهل الأمانة والولاية ولا يبعث إلا فقيهاً لأنه يحتاج إلى معرفة ما يؤخذ وما لا يؤخذ ويحتاج إلى الاجتهاد فيما يعرض من مسائل الزكاة وأحكامها ولا يبعث هاشمياً أو مطالبياً ومن أصحابنا من قال يجوز لأن ما يأخذه على وجه العوض والمذهب الأول لما روي أن الفضل بن عباس رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوليه العمالة على الصدقة فلم يوله وقال: "أليس في خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس١" وفي مواليهم وجهان: أحدهما لا يجوز لما روى أبو رافع قال: ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني مخزوم على الصدقة فقال: إتبعني تصب منها فقلت: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال: "إن موالي القوم من أنفسهم وإنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة٢" والثاني أنه يجوز لأن الصدقة إنما حرمت على بني هاشم وبني المطلب للشرف بالنسب وهذا لا يوجد في مواليهم وهو بالخيار أن يستأجر العامل بأجرة معلومة ثم يعطيه ذلك من الزكاة وبين أن يبعثه من غير شرط ثم يعطيه أجرة المثل من الزكاة.


١ رواه مسلم في كتاب الزكاة حديث ١٦٧، ١٦٨. أبو داود في كتاب الإمارة باب ٢٠. النسائي في كتاب الزكاة باب ٩٥. الموطأ في كتاب الصدقة حديث ١٣، ١٥.
٢ رواه مسلم في كتاب الزكاة حديث ١٦١، ١٦٨. النسائي في كتاب الزكاة باب ٩٥، ٩٧. الموطأ في كتاب الصدقة حديث ١٣. أحمد في مسنده "١/٢٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>