من قال: الإمام بالخيار إن شاء تمم من سهم المصالح وإن شاء تمم من سهامهم لأنه يشبه الحاكم لأنه يستوفي به حق الغير على وجه الأمانة ويشبه الوكيل فخير بين حقيهما ومنهم من قال: إن كان قد بدأ بنصيبه فوجده ينقص تمم من سهامهم وإن كان قد بدأ بسهام الأصناف فأعطاهم ثم وجد سهم العامل ينقص تممه من سهم المصالح لأنه يشق استرجاع ما دفع إليهم ومنهم من قال إن فضل عن قدر حاجة الأصناف شيء تمم من الفضل وإن لم يفضل عنهم شيء تمم من سهم المصالح والصحيح هو الطريق الأول ويعطي الحاشر والعريف من سهم العامل لأنهم من جملة العمال وفي أجرة الكيال وجهان: قال أبو علي بن أبي هريرة: على رب المال لأنها تجب للإيفاء والإيفاء حق على رب المال فكانت أجرته عليه وقال أبو إسحاق: تكون من الصدقة لأنا لو أوجبنا ذلك على رب المال زدنا على الفرض الذي وجب عليه في الزكاة.
فصل: وسهم للفقراء والفقير هو الذي لا يجد ما يقع موقعاً من كفايته فيدفع إليه ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة أو بضاعة يتجر فيها حتى لو احتاج إلى مال كثير للبضاعة التي تصلح له ويحسن التجارة فيها وجب أن يدفع إليه فإن عرف لرجل مال وادعى أنه افتقر لم يقبل قوله إلا ببينة لأنه ثبت غناه فلا يقبل دعوى الفقر إلا بينة كما لو وجب عليه دين آدمي وعرف له مال فادعى الإعسار فإن كان قوياً فادعى أنه لا كسب له أعطي لما روى عبيد الله بن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة فصعد بصره إليهما وصوب ثم قال "أعطيكما بعد أن أعلمكما أنه لا حظ فيهما لغني ولا قوي مكتسب١" وهل يحلف؟ فيه وجهان أحدهما لا يحلف لأن
١ رواه أبو داود في كتاب الزكاة باب ٢٤. النسائي في كتاب الزكاة باب ٩١. أحمد في مسنده "٤/٢٢٤".