فثبت له الرجوع وإن كان قد بين أنها زكاة رجع فيها إن كانت باقية وفي بدلها إن كانت فائتة فإن لم يكن له للمدفوع إليه مال فهل يضمن رب المال الزكاة؟ فيه قولان: أحدهما لا يضمن لأنه دفع إليه بالاجتهاد كالإمام والثاني يضمن لأنه كان يمكنه أن يسقط الفرض بيقين بأن يدفعها إلى الإمام فإذا فرط بنفسه فقد فرط فلزمه الضمان بخلاف الإمام وإن دفع الزكاة إلى رجل ظنه مسلماً وكان كافراً أو إلى رجل ظنه حراً فكان عبداً فالمذهب أن حكمه حكم ما لو دفع إلى رجل ظنه فقيراً فكان غنياً ومن أصحابنا من قال يجب الضمان ههنا قولاً واحداً لأن حال الكافر والعبد الكافر لا يخفى فكان مفرطاً في الدفع إليهما وحال الغني قد يخفى فلم يكن مفرطاً.
فصل: ومن وجبت عليه الزكاة وتمكن من أدائها فلم يفعل حتى مات وجب قضاء ذلك من تركته لأنه حق مال لزمه في حال الحياة فلم يسقط بالموت كدين الآدمي فإن اجتمع مع الزكاة دين آدمي ولم يتسع المال للجميع ففيه ثلاثة أقوال: أحدها يقدم دين الآدمي لأنه مبناه على التشديد والتأكيد وحق الله تعالى مبني على التخفيف ولهذا لو وجب عليه قتل قصاص وقتل ردة فدم قتل القصاص والثاني تقدم الزكاة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحج "فدين الله عز وجل أحق أن يقضى" والثالث أنه يقسم بينهما لأنهما تساويا في الوجوب فتساويا في القضاء وبالله التوفيق.