بنية الفرض فإن قال ليلة الثلاثين من رمضان إن كان غد من رمضان فأنا صائم عن رمضان أو مفطر وكان من رمضان لم يصح صومه لأنه لم يخلص النية للصوم فإن قال إن كان غد من رمضان وإن لم يكن فأنا مفطر وكان من رمضان صح صومه لأنه أخلص النية للفرض وبنى عن الأصل لأن الأصل أنه من رمضان ومن دخل في الصوم ونوى الخروج منه بطل الصوم لأن النية شرط في جميعه فإذا قطعها في أثنائه بقي الباقي بغير نية فبطل وإذا بطل البعض بطل الجميع لأنه لا ينفرد بعضه عن بعض ومن أصحابنا من قال لا تبطل لأنه عبادة تتعلق الكفارة بجنسها فلم تبطل بنية الخروج كالحج والأول أظهر لأن الحج لا يخرج منه بما يفسده والصوم يخرج منه بما يفسده فكان كالصلاة.
فصل: ويدخل في الصوم بطلوع الفجر ويخرج بغروب الشمس لما روى عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقبل الليل من هنا وأدبر النهار من هنا وغابت الشمس من ههنا فقد أفطر الصائم" ويجوز أن يأكل ويشرب ويباشر إلى طلوع الفجر لقوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}"البقرة١٨٧" فإن جامع قبل طلوع الفجر وأصبح وهو جنب وجاز صومه لأنه لما أذن في المباشرة إلى طلوع الفجر ثم أمر بالصوم دل على أنه يجوز أن يصبح صائماً وهو جنب وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم فإن طلع الفجر وفيه طعام فأكله أو كان مجامعاً فاستدام بطل صومه وإن لفظ الطعام أو أخرج مع طلوع الفجر لم يصح صومه لأن الجماع إيلاج وإخراج وإن بطل بالإيلاج بطل بالإخراج والدليل على أنه يصح صومه هو أن الإخراج ترك الجماع وما علق على فعل شيء لا يتعلق بتركه كما لو حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو عليه فبدأ بنزعه لم يحنث وإن أكل وهو يشك في طلوع الفجر صح صومه لأن الأصل بقاء الليل وإن أكل وهو يشك في غروب الشمس لم يصح صومه لأن الأصل بقاء النهار.
فصل: ويحرم على الصائم الأكل والشرب لقوله عز وجل: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}"البقرة ١٨٧" وإن أكل أو شرب وهو ذاكر للصوم عالم بالتحيم مختار بطل صومه لأنه فعل ما