للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جاز بغير نسك لحديث ابن عباس ولأن في إيجاب الإحرام على هؤلاء مشقة فإن دخل بتجارة وقلنا إنه يجب عليه الإحرام فدخل بغير إحرام لم يلزمه القضاء لأنا لو ألزمناه القضاء لزمه لدخوله للقضاء قضاء ولا يتناهى قال أبو العباس بن القاص: فإن دخل بغير إحرام ثم صار حطاباً أو صياداً لزمه القضاء لأنه لا يلزمه للقضاء قضاء.

فصل: ولا يجب الحج والعمرة إلا على مسلم عاقل بالغ حر مستطيع فأما الكافر فإن كان أصلياً لم يصح منه لأن ذلك من فروع الإيمان فلم يصح من الكافر ولا يخاطب به في حال الكفر لأنه لا يصح منه وإن أسلم لم يخاطب بما فاته في حال الكفر لقوله صلى الله عليه وسلم "الإسلام يجب ما قبله١" ولأنه لم يلتزم وجوبه فلم يلزمه ضمائنه كحقوق الآدميين وإن كان مرتداً لم يصح منه لما ذكرناه ويجب عليه لأنه التزم وجوبه فلم يسقط عنه بالردة كحقوق الآدميين وأما المجنون فلا يصح منه لأنه ليس من أهل العبادات فلم يصح حجه ولا يجب عليه لقوله صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق" وأما الصبي فلا يجب عليه للخبر ويصح منه لما روى ابن عباس أن امرأة رفعت صبياً لها من محفتها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر فإن كان مميزاً فأحرم بإذن الولي صح إحرامه وإن أحرم بغير إذنه ففيه وجهان: قال أبو إسحاق: يصح كما يصح إحرامه في الصلاة وقال أكثر أصحابنا لا يصح لأنه يفتقر في أدائه إلى المال فلا يصح من غير إذن الولي بخلاف الصلاة وإن كان غير مميز جاز لأمه أن تحرم عنه لحديث ابن عباس ويجوز لأبيه قياساً على الأم ولا يجوز للأخ والعم أن يحرما عنه لأنه لا ولاية لهما على الصغير فإن عقد له الإحرام فعل بنفسه ما يقدر عليه ويفعل عنه وليه ما لا يقدر عليه لما روى جابر قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نحج بصبياننا فمن استطاع منهم رمى ومن لم يستطع رمي عنه وفي نفقة الحج وما يلزمه من الكفارة قولان: أحدهما يجب في مال الولي لأنه هو الذي أدخله فيه والثاني يجب في مال الصبي لأنه وجب لمصلحته فكان


١ رواه أحمد في مسنده "٤/١٩٩، ٢٠٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>