فصل: فإن كان عليه حجة الإسلام وحجة نذر فاستأجر رجلين يحجان عنه في سنة واحدة فقد نص في الأم أنه يجوز وكان أولى لأنه لم يقدم النذر على حجة الإسلام ومن أصحابنا من قال: لا يجوز لأنه يحج بنفسه حجتين في سنة وليس بشيء.
فصل: ولا يجوز الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج والدليل عليه قوله عز وجل {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة:١٩٧] والمراد به وقت إحرام الحج لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر فدل على أنه أراد به وقت الإحرام ولأن الإحرام نسك من مناسك الحج فكان مؤقتاً كالوقوف والطواف وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة وهو إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر لما روى عن ابن مسعود وجابر وابن الزبير رضي الله عنهم أنهم قالوا: أشهر الحج معلومات شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة فإن أحرم بالحج في غير أشهره انعقد إحرامه بالعمرة لأنها عبادة مؤقتة فإذا عقدها في غير وقتها انعقد غيرها من جنسها كصلاة الظهر إذا أحرم بها قبل الزوال فإنه ينعقد إحرامه بالنفل ولا يصح في سنة واحدة أكثر من حجة لأن الوقت يستغرق أفعال الحجة الواحدة فلا يمكن أداء الحجة الأخرى.
فصل: وأما العمرة فإنها تجوز في أشهر الحج وغيرها لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين في ذي القعدة وفي شوال وروى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة١" ولا يكره فعل عمرتين وأكثر في سنة لما ذكرناه من حديث عائشة رضي الله عنها.
١ رواه الترمذي في كتاب الحج باب ٩٥. أبو داود في كتاب المناسك باب ٧٩. النسائي في كتاب الصيام باب ٦. أحمد في مسنده "١/ ٣٥٢".