يجوز بعد الوقوف أن يبني على العلتين في إدخال الحج على العمرة بعد الطواف؟ فإن قلنا لا يجوز إدخال الحج على العمرة بعد الطواف لأنه أخذ في التحلل ههنا بعد الوقوف لأنه لم يأخذ في التحلل وإن قلنا لا يجوز لأنه أتى بالمقصود لم يجز ههنا لأنه قد أتى بمعظم المقصود وهو الوقوف فإن أحرم بالعمرة فأفسدها ثم أدخل عليها الحج ففيه وجهان: أحدهما ينعقد الحج ويكون فاسداً لأنه إدخال حج على عمرة فأشبه إذا كان صحيحاً والثاني لا ينعقد لأنه لا يجوز أن يصح لأنه إدخال حج على إحرام فاسد ولا يجوز أن يفسد لأن إحرامه لم يصادفه الوطء فلا يجوز إفساده.
فصل: ويجب على المتمتع الدم لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة:١٩٦] ولا يجب عليه إلا بخمسة شروط: أحدها أن يعتمر في أشهر الحج فإن اعتمر في غير أشهر الحج لم يلزمه دم لأنه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحج فلم يلزمه دم كالمفرد وإن أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وأتى بأفعالها في أشهر الحج ففيه قولان: قال في القديم والإملاء: يجب عليه دم لأن استدامة الإحرام بمنزلة الابتداء ولو ابتدأ الإحرام بالعمرة في أشهر الحج لزمه الدم فكذلك إذا استدام وقال في الأم: لا يجب عليه الدم لأن الإحرام نسك لا تتم العمرة إلا به أتى به في غير أشهر الحج فلم يلزمه دم التمتع كالطواف والثاني أن يحج من سنته فأما إذا حج في سنة اخرى لم يلزمه الدم لما روى سعيد بن المسيب قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعتمرون في أشهر الحج فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يهدوا ولأن الدم إنما يجب بترك الإحرام بالحج من الميقات وهذا لم يترك الإحرام بالحج من الميقات فإنه إن أقام بمكة صارت مكة ميقاته وإن رجع إلى بلده وعاد فقد أحرم من الميقات والثالث أن لا يعود لإحرام إلى الميقات فأما إذا رجع لإحرام الحج إلى الميقات فأحرم لم يلزمه الدم لأن الدم توجب بترك الإحرام من الميقات وهذا لم يترك الميقات فإن أحرم بالحج من جوف مكة ثم رجع إلى الميقات قبل أن يقف ففيه وجهان: أحدهما لا دم عليه لأنه حصل محرماً من الميقات قبل التلبس بنسك فأشبه من جاوز الميقات غير محرم ثم أحرم وعاد إلى الميقات والثاني يلزمه لأنه وجب عليه الدم بالإحرام من مكة فلا يسقط بالعود إلى الميقات كما لو ترك الميقات وأحرم دونه ثم عاد بعد التلبس بالنسك والرابع أن يكون من غير حاضري المسجد الحرام فأما إذا كان من حاضري المسجد الحرام فلا دم عليه لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وحاضر المسجد الحرام أهل الحرم ومن بينه وبينه مسافة لا تقصر فيها الصلاة لأن الحاضر في اللغة هو