اليمن من يلملم وأهل الشام من الجحفة وأما أهل العراق فميقاتهم ذات عرق١" وهل هو منصوص عليه أو مجتهد فيه؟ قال الشافعي رحمه الله في الأم: هو غير منصوص عليه ووجهه ما روي عن ابن عمر قال: لما فتح المصران أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرناً وإنا إذ أردنا أن نأتي قرناً شق علينا فقال: فانظروا حذوها من طريقكم قال: فحد لهم ذات عرق ومن أصحابنا من قال هو منصوص عليه ومذهبه ما ثبتت به السنة والدليل عليه ما روى جابر بن عبد الله قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يهل أهل المشرق من ذات عرق" وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق وقال الشافعي رحمه الله: ولو أهل أهل المشرق من العقيق كان أحب إلي لأنه روي عن ابن عباس قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق العقيق ولأنه أبعد من ذات عرق فكان أفضل وهذه المواقيت لأهلها ولكل من مر بها من غير أهلها لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرناً ولأهل اليمن يلملم وقال: "هذه المواقيت لأهلها ولكل من أتى عليها من غير أهلها ممن أراد الحج والعمرة" ومن كان داره دون ذلك فمن حيث ينشيء ثم كذلك أهل مكة يهلون من مكة ومن سلك طريقاً لا ميقات فيه من بر أو بحر فميقاته إذا حاذى أقرب المواقيت إليه لأن عمر رضي الله عنه لما اجتهد في ميقات أهل العراق اعتبر ما ذكرناه.
فصل: ومن كانت داره فوق الميقات فله أن يحرم من الميقات وله أن يحرم من فوق الميقات لما روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا: إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك وفي الأفضل قولان: أحدهما أن الأفضل أن يحرم من الميقات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة ولم يحرم من المدينة ولأنه إذا أحرم من بلده لم يأمن أن يرتكب محظورات الإحرام فإذا أحرم من الميقات أمن من ذلك فكان الإحرام من الميقات أفضل والثاني أن الأفضل أن يحرم من داره لما روت أم سلمة رضي الله
١ رواه البخاري في كتاب الحج باب ٨. الترمذي في كتاب الحج باب ١٧. النسائي في كتاب المناسك باب ١٧، ١٨. ابن ماجه في كتاب المناسك باب ١٣. الموطأ في كتاب الحج حديث ٢٢.