قال: في الدوحة بقرة وفي الشجرة الجزلة شاة فإن قطع غصناً منها ضمن ما نقص فإن نبت مكانه فهل يسقط عنه الضمان؟ على قولين بناء على القولين في السن إذا قلع ثم نبت ويجوز أخذ الورق ولا يضمنه لأنه لا يضربها وإن قلع شجرة من الحرم لزمه ردها إلى موضعها كما إذا أخذ صيداً منه لزمه تخليته فإن أعادها إلى موضعها فنبتت لم يلزمه شيء وإن لم تبت وجب عليه ضمانها.
فصل: ويحرم قطع حشيش الحرم لقوله صلى الله عليه وسلم "ولا يختلى خلاها" ويضمنه لأنه ممنوع من قطعه لحرمة الحرم فضمنه كالشجر وإن قطع الحشيش فنبت مكانه لم يلزمه الضمان قولاً واحداً لأن ذلك يستخلف في العادة فهو كسن الصبي إذا قلعه فنبت مكانه بخلاف الأغصان ويجوز قطع الإذخر لحديث ابن عباس رضي الله عنه ولأن الحاجة تدعو إليه ويجوز رعي الحشيش لأن الحاجة تدعو إلى ذلك فجاز كقطع الإذخر ويجوز قطع العوسج والشوك لأنه مؤذ فلم يمنع من إتلافه كالسبع والذئب.
فصل: ولا يجوز إخراج تراب الحرم وأحجاره لما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يكرهان أن يخرج من تراب الحرم إلى الحل أو يدخل من تراب الحل إلى الحرم وروى عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال: قدمت مع أمي أو مع جدتي مكة فأتينا صفية بنت شيبة فأرسلت إلى الصفا فقطعت حجراً من جنابه فخرجنا به فنزلنا أول منزل فذكر من علتهم جميعاً فقالت أمي أو جدتي: ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم قال: وكنت أنا أمثلهم فقالت لي: انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها وقل لها: إن الله عز وجل وضع في حرمه شيئاً لا ينبغي أن يخرج منه قال عبد الأعلى: فما هو إلا ان نحينا ذلك فكأنما أنشطنا من عقال ويجوز إخراج ماء زمزم لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استهدى راوية من ماء زمزم فبعث إليه براوية من ماء ولأن الماء يستخلف بخلاف التراب والأحجار.