روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يطوف بالبيت فلما أقيمت الصلاة صلى مع الإمام ثم بنى على طوافه وإن أحدث وهو في الطواف توضأ وبنى لأنه يجوز إفراد بعضه عن بعض فإذا بطل ما صادفه الحدث منه لم يبطل الباقي فجاز له البناء عليه.
فصل: وإذا فرغ من الطواف صلى ركعتي الطواف وهل يجب ذلك أم لا فيه قولان: أحدهما أنها واجبة لقوله عز وجل {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً}[البقرة:١٢٥] الأمر يقتضي الوجوب والثاني لا يجب لأنها صلاة زائدة على الصلوات الخمس فلم تجب بالشرع على الأعيان كسائر النوافل والمستحب أن يصليهما عند المقام لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين فإن صلاهما في مكان آخر جاز لما روي أن عمر رضي الله عنه طاف بعد الصبح ولم ير أن الشمس قد طلعت فركب فلما أتى ذا طوى أناخ راحلته وصلى ركعتين وكان ابن عمر رضي الله عنهما يطوف بالبيت ويصلي ركعتين في البيت والمستحب أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الطواف {قُلْ هُوَ اللَّهُ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم يعود إلى الركن فيستلمه ويخرج من باب الصفا لما روى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف سبعاً وصلى ركعتين ثم رجع إلى الحجر فاستلمه ثم خرج من باب الصفا.
فصل: ثم يسعى وهو ركن من أركان الحج لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم" فلا يصح السعي إلا بعد طواف فإن سعى ثم طاف لم يعتد بالسعي لما روى ابن عمر قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين ثم طاف بين الصفا والمروة سبعاً قال الله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب:٢١] فنحن نصنع ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم والسعي أن