وحده لا شريك له١" ويستحب أن يرفع يديه لما روى ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ترفع الأيدي عند الموقفين" يعني عرفة والمشعر الحرام وهل الأفضل أن يكون راكباً أم لا؟ فيه قولان: قال في الأم: النازل والراكب سواء وقال في القديم والإملاء: الوقوف راكباً أفضل وهو الصحيح لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف راكباً ولأن الراكب أقوى على الدعاء فكان الركوب أولى ولهذا كان الإفطار بعرفة أفضل لأن المفطر أقوى على الوقوف والدعاء وأول وقته إذا زالت الشمس لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال وقد قال صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم وآخر وقته إلى أن يطلع الفجر الثاني لحديث عبد الرحمن الديلي فإن حصل بعرفة في وقت الوقوف قائماً أو قاعداً أو مجتازاً فقد أدرك الحج لقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى هذه الصلاة معنا وقد قام قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه" وإن وقف وهو مغمى عليه لم يدرك الحج وإن وقف وهو نائم فقد أدرك الحج لأن المغمى عليه ليس من أهل العبادات والنائم من أهل العبادات ولهذا لو أغمي عليه في جميع نهار الصوم لم يصح صومه وإن نام في جميع النهار صح صومه وإن وقف وهو لا يعلم أنه عرفة فقد أدرك لأنه وقف بها وهو مكلف فأشبه إذا علم أنها عرفة والسنة أن يقف بعد الزوال إلى أن تغرب الشمس لما روى علي كرم الله وجهه قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ثم أفاض حين غابت الشمس فإن دفع منها قبل الغروب نظرت فإن رجع إليها قبل طلوع الفجر لم يلزمه شيء لأنه جمع في الوقوف بين الليل والنهار فأشبه إذا أقام بها إلى أن غربت الشمس فإن لم يرجع قبل طلوع الفجر أراق دماً وهل يجب ذلك أو يستحب؟ فيه قولان: أحدهما يجب لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك نسكاً فعليه دم" لأنه نسك يختص بمكان فجاز أن يجب بتركه الدم كالإحرام من الميقات والثاني أنه يستحب لأنه وقف في إحدى زماني الوقوف فلا يلزمه دم للزمان الآخر كما لو وقف في الليل دون النهار.
فصل: وإذا غربت الشمس دفع إلى المزدلفة لحديث علي كرم الله وجهه ويمشي
١ رواه الموطأ في كتاب القرآن حديث ٣٢. كتاب الحج حديث ٢٤٦.