وقال المزني: لا يسقط المبيت والرمي كما لا يسقط الطواف والسعي وهذا خطأ لما روى الأسود عن عمر رضي الله عنه أنه قال لمن فاته الحج: تحلل بعمل عمرة وعليك الحج من قابل وهدي ولأن المبيت والرمي من توابع الوقوف ولهذا لا يجب على المعتمر حين لم يجب عليه الوقوف وقد سقط الوقوف ههنا فسقطت توابعه بخلاف الطواف والسعي فإنهما غير تابعين للوقوف فبقي فرضهما ويجب عليه القضاء لحديث عمر رضي الله عنه ولأن الوقوف معظم الحج والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" وقد فاته ذلك فوجب قضاؤه وهل يجب القضاء على الفور أم لا؟ فيه وجهان كما ذكرناه فيمن أفسد الحج ويجب هدي لقول عمر رضي الله عنه ولأنه تحلل من الإحرام قبل التمام فلزمه الهدي كالمحصر ومتى يجب الهدي فيه وجهان: أحدهما يجب مع القضاء لقول عمر رضي الله عنه ولأنه كالمتمتع ودم التمتع لا يجب إلا إذا أحرم بالحج والثاني يجب في عامه كدم الإحصار فإن أخطأ الناس فوقفوا في اليوم الثامن أو في اليوم العاشر لم يجب عليهم القضاء لأن الخطأ في ذلك إنما يكون بأن يشهد اثنان برؤية الهلال قبل الشهر بيوم فوقفوا يوم الثامن بشهادتهما ثم بان كذبهما أو غم عليهم الهلال فوقفوا يوم العاشر ومثل هذا لا يؤمن في القضاء فسقط.
فصل: ومن أحرم فأحصره عدو نظرت فإن كان العدو من المسلمين فالأولى أن يتحلل ولا يقاتله لأن التحلل أولى من قتال المسلمين وإن كان من المشركين لم يجب عليه القتال لأن قتال الكفار لا يجب إلا إذا بدءوا بالحرب وإن كان بالمسلمين ضعف وفي العدو قوة فالأولى أن لا يقابلهم لأنه ربما انهزم المسلمون فيلحقهم وهن وإن كان في المسلمين قوة وفي المشركين ضعف فالأفضل أن يقاتلهم ليجمع بين نصرة الإسلام وإتمام الحج فإن طلبوا مالاً لم يجب إعطاء المال لأن ذلك ظلم ولا يجب الحج مع احتمال الظلم فإن كانوا مشركين كره أن يدفع إليهم لأن في ذلك صغاراً على الإسلام