عنهما أن عمر رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أهديت نجيبة وأعطيت بها ثلثمائة دينار أفأبيعها وأبتاع بثمنها بدناً وأنحرها؟ قال:"لا ولكن انحرها إياها" فإن كل مما يركب جاز له أن يركبه بالمعروف إذا احتاج لقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً}[الحج:٣٣] وسئل جابر رضي الله عنه عن ركوب الهدي فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها" فإن نقصت بالركوب ضمن النقصان وإن نتجت تبعها الولد وينحره معها سواء حدث بعد النذر أو قبله لما روي أن علياً رضي الله عنه رأى رجلاً يسوق بدنة ومعها ولدها فقال: لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدها ولأنه معنى يزيل الملك فاستتبع الولد كالبيع والعتق فإن لم يمكنه أن يمشي حمله على ظهر الأم لما روي أن عمر كان يحمل ولد البدنة إلى أن يضحي عليها ولا يشرب من لبنها إلا ما لا يحتاج إليه الولد لقول علي كرم الله وجهه ولأن اللبن غذاء الولد والولد كالأم فإذا لم يجز أن يمنع الأم علفها لم يجز أن يمنع الولد غذاءه وإن فضل عن الولد شيء فله أن يشربه لقوله عز وجل: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً}[الحج:٣٣] ولقول علي رضي الله عنه والأولى أن يتصدق به وإن كان لها صوف نظرت فإن كان في تركه صلاح بأن يكون في الشتاء وتحتاج إليه للدفء لم يجزه لأنه ينتفع به الحيوان في دفع البرد عنه وينتفع به المساكين عند الذبح وإن كان الصلاح في جزه بأن يكون في وقت الصيف وقد بقي إلى وقت النحر مدة طويلة جزه لأنه يترفه به الهدي ويستمر فتنتفع به المساكين فإن أحصر نحره حيث أحصر كما قلنا في هدي المحصر وإن تلف من غير تفريط لم يضمنه لأنه أمانة عنده فإذا هلكت من غير تفريط لم تضمن كالوديعة وإن أصابه عيب ذبحه وأجزأه لأن ابن الزبير أتى في هداياه بناقة عوراء فقال: إن كان أصابها بعد ما اشتريتموها فامضوها وإن كان أصابها قبل أن تشتروها فابدلوها ولأنه لو هلك جميعه لم يضمنه فإذا نقص بعضه لم يضمنه كالوديعة.
فصل: وإن عطب وخاف أن يهلك نحره وغمس نعله في دمه وضرب به صفحته لما روى أبو قبيصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالهدي ثم يقول: "إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتاً فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من