للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لإيجاب القربة فلم يصح من الكافر كالإحرام وأما الصبي والمجنون فلا يصح نذرهما لقوله صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق" ولأنه إيجاب حق بالقول فلا يصح من الصبي والمجنون كضمان المال.

فصل: ولا يصح النذر إلا بالقول وهو أن يقول لله علي كذا فإن قال علي كذا ولم يقل لله صح لأن القربة لا تكون إلا لله تعالى فحمل الإطلاق عليه وقال في القديم: إذا أشعر بدنة أو قلدها ونوى أنها هدي أو أضحية صارت هدياً أو أضحية لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر بدنة وقلدها ولم ينقل أنه قال: إنها هدي وصارت هدياً وخرج أبو العباس وجهاً آخر أنه يصير هدياً أو أضحية بمجرد النية ومن أصحابنا من قال: إن ذبح ونوى صار هدياً أو أضحية والصحيح هو الأول لأنه إزالة ملك يصح بالقول فلم يصح بغير القول مع القدرة عليه كالوقف والعتق ولأنه لو كتب على دار أنها وقف أو على فرس أنها في سبيل الله لم تصر وقفاً فكذلك ههنا.

فصل: ويجب بالنذر جميع الطاعات المستحبة لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه١" وأما المعاصي كالقتل والزنا وصوم يوم العيد وأيام الحيض والتصدق بما لا يملكه فلا يصح نذرها لما روى عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم" ولا يلزمه بنذره كفارة وقال الربيع: إذا نذرت المرأة صوم أيام الحيض وجبت عليها كفارة يمين ولعله خرج ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة يمين٢" والمذهب الأول والحديث متأول فأما المباحات كالأكل والشرب فلا تلزم بالنذر لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل قائم في الشمس لا يستظل فسأل عنه فقيل هذا ابن اسرائيل نذر أن يقف ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال: "مروه فليقعد وليستظل وليتكلم وليتم صومه".

فصل: فإن نذر طاعة نظرت فإن علق ذلك على إصابة خير أو دفع سوء فأصاب


١ رواه البخاري في كتاب الأيمان باب ٢٨، ٣١. أبو داود في كتاب الأيمان ١٩. الترمذي في كتاب النذور باب ٢. النسائي في كتاب الأيمان باب ٢٧، ٢٨.
٢ رواه مسلم في كتاب النذر حديث ١٢. أبو داود في كتاب الأيمان باب ٢٥ الترمذي في كتاب النذور باب ٤. أحمد في مسنده "٤/١٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>