ويكون أوله تطوعاً والباقي فرضاً فإن اجتمع في يوم نذران بأن قال إن قدم زيد فلله علي أن أصوم اليوم الذي يلي يوم مقدمه وإن قدم عمرو فلله علي أن أصوم أول خميس بعده فقدم زيد وعمرو يوم الأربعاء لزمه صوم يوم الخميس عن أول نذر نذره ثم يقضي عن الآخر.
فصل: وإن نذر اعتكاف اليوم الذي يقدم فيه فلان صح النذر فإن قدم ليلاً لم يلزمه شيء لأن الشرط لم يوجد وإن قدم نهاراً لزمه اعتكاف بقية النهار وفي قضاء ما فات وجهان: أحدهما يلزمه وهو اختيار المزني والثاني لا يلزمه وهو المذهب لأن ما مضى قبل القدوم لم يدخل في النذر فلا يلزمه قضاؤه وإن قدم وهو محبوس أو مريض فالمنصوص أنه يلزمه القضاء لأنه فرض وجد شرطه في حال المرض فبقي في الذمة كصوم رمضان وقال القاضي أبو حامد وأبو علي الطبري: لا يلزمه لأن ما لا يقدر عليه لا يدخل في النذر كما لو نذرت المرأة صوم يوم بعينه فحاضت فيه.
فصل: وإن نذر المشي إلى بيت الله الحرام لزمه المشي إليه بحج أو عمرة لأنه لا قربة في المشي إليه إلا بنسك فحمل مطلق النذر عليه ومن أي موضع يلزمه المشي والإحرام؟ فيه وجهان: قال أبو إسحاق: يلزمه أن يحرم ويمشي من دويرة أهله لأن الأصل في الإحرام أن يكون من دويرة أهله وإنما أجيز تأخيره إلى الميقات رخصة فإذا أطلق النذر حمل الأصل وقال عامة أصحابنا: يلزمه الإحرام والمشي من الميقات لأن مطلق كلام الآدمي يحمل على المعهود في الشرع والمعهود هو من الميقات فحمل النذر عليه فإن كان معتمراً لزمه المشي إلى أن يفرغ وإن كان حاجاً لزمه المشي إلى أن يتحلل التحلل الثاني لأن بالتحلل الثاني يخرج من الإحرام فإن فاته لزمه القضاء ماشياً لأن فرض النذر يسقط بالقضاء فلزمه المشي فيه كالأداء وهل يلزمه أن يمشي في فائتة؟ فيه قولان: أحدهما يلزمه لأنه لزمه بحكم النذر فلزمه المشي فيه كما لو لم يفته والثاني لا يلزمه لأن فرض النذر لا يسقط به وإن نذر المشي فركب وهو قادر على المشي لزمه دم لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت أن تمشي إلى بيت الله الحرام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: "إن الله لغني عن نذر أختك لتركب ولتهد بدنة" ولأنه صار بالنذر نسكاً واجباً فوجب بتركه الدم كالإحرام من الميقات وإن لم يقدر على المشي فله أن يركب لأنه إذا جاز أن يترك القيام الواجب في الصلاة للعجز جاز أن يترك المشي فإن ركب فهل يلزمه دم؟ فيه قولان: أحدهما لا يلزمه لأن حال