أنلقيه أم نأكله؟ فقال:"كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه١" ولأن الجنين لا يمكن ذبحه فجعل ذكاة الأم ذكاة له وإن خرج الجنين حياً وتمكن من ذبحه لم يحل من غير ذبح وإن مات قبل أن يتمكن من ذكاته حل.
فصل: إذا أثبت صيداً بالرمي أو بالكلب فأزال امتناعه ملكه لأنه حبسه بفعله فملكه كما لو أمسكه بيده فإن رماه اثنان واحد بعد واحد فهو لمن أثبته منهما فإن ادعى كل واحد منهما أنه هو الذي سبقه وأزال امتناعه وأن الآخر رماه فقتله فعليه الضمان لم يحل أكله لأنهما اتفقا على أنه قتل بعد إمكان ذبحه فلم يحل ويتحالفان فإذا حلفا بريء كل واحد منهما مما يدعي الآخر وإن اتفقا على أن أحدهما هو السابق غير أن السابق ادعى أنه هو الذي أثته بسهمه وادعى الآخر أنه بقي على الامتناع إلى أن رماه هو فالقول قول الثاني لأن الأصل بقاؤه على الامتناع وإن كان الصيد مما يمتنع بالرجل والجناح كالقبج والقطا فرماه أحدهما فأصاب الرجل ثم رماه الآخر فأصاب الجناح ففيه وجهان: أحدهما أنه يكون بينهما لأنه زال الامتناع بفعلهما فتساويا والثاني أنه للثاني وهو الصحيح لأن الامتناع لم يزل إلا بفعل الثاني فوجب أن يكون له.
فصل: وإن رمى الصيد اثنان أحدهما بعد الآخر ولم يعلم بإصابه من منهما صار غير ممتنع فقد قال في المختصر: إنه يؤكل ويكون بينهما فحمل أبو إسحاق هذا على ظاهره فقال: يحل أكله لأن الأصل أنه بقي بعد عقر الأول على الامتناع إلى أن قتله الآخر فيحل ويكون بينهما لأن الظاهر أنهما مشتركان فيه بحكم اليد ومن أصحابنا من قال: إن بقي على الامتناع حتى رماه الآخر فقتله حل وكان للثاني وإن زال امتناعه بالأول فهو للأول ولا يحل بقتل الثاني لأنه صار مقدوراً عليه فيجب أن يتأول عليه إذا لم يمتنع الصيد حتى أدركه وذكاه فيحل واختلفا في السابق منهما فيكون بينهما.
فصل: فإن رمى رجل صيداً فأزال امتناعه ثم رماه الآخر نظرت فإن أصاب الحلقوم والمريء فقتله حل أكله لأنه قد صار ذكاته في الحلق واللبة وقد ذكاه في الحلق واللبة ويلزمه للأول ما بين قيمته مجروحاً ومذبوحاً كما لو ذبح له شاة مجروحة وإن
١ رواه الترمذي في كتاب الصيد باب ١٠. أبو داود في كتاب الأضاحي باب ١٧. ابن ماجه في كتاب الذبائح باب ١٥. الدارمي في كتاب الأضاحي باب ١٧. أحمد في مسنده "٣/٣١".