فصل: ويجوز شرط خيار ثلاثة أيام في البيوع التي لاربا فيها لما روى محمد بن يحيى بن حبان قال: كان جدي قد بلغ ثلاثين ومائة سنة لا يترك البيع والشراء ولا يزال يخدع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بايعته فقل لاخلابة وأنت بالخيار ثلاثاً١" فأما في البيوع التي فيها الربا وهي الصرف وبيع الطعام بالطعام فلا يجوز فيها شرط الخيار لأنه لا يجوز أن يتفرقا قبل تمام المبيع ولهذا لا يجوز أن يتفرقا إلا عن قبض العوضين فلو جوزنا شرط الخيار لتفرقا ولم يتم البيع بينهما وجاز شرط الخيار في ثلاثة أيام وفيما دونهما لأنه لو جاز شرط الثلاث فما دونها أولى بذلك ولا يجوز أكثر من ثلاثة أيام لأنه غرر وإنما جوز في الثلاث لأنه رخصة فلا يجوز فيما زاد ويجوز أن يشترط لهما ولأحدهما دون الآخر ويجوز أن يشترط لأحدهما ثلاثة أيام وللآخر يوم أو يومان لأن ذلك جعل إلى شرطهما فكان على حسب الشرط فإن شرطا ثلاثة أيام ثم تخايرا سقط قياساً على خيار المجلس وإن شرط الخيار لأجنبي ففيه قولان: أحدهما لا يصح لأنه حكم من أحكام العقد فلا يثبت لغير المتعاقدين كسائر الأحكام والثاني يصح لأنه جعل إلى شرطهما للحاجة وربما دعت الحاجة إلى شرطه للأجنبي بأن يكون أعرف بالمتاع منهما فإن شرطه للأجنبي وقلنا إنه يصح فهل يثبت له؟ فيه وجهان: أحدهما يثبت له لأنه إذا ثبت للأجنبي من جهته فلأن يثبت له أولى والثاني لا يثبت لأن ثبوته بالشرط فلا يثبت إلا لمن شرط له قال في الصرف: إذا اشترى بشرط الخيار على أن لا يفسخ حتى يستأمر فلاناً لم يكن له أن يفسخ حتى يقول استأمرته فأمرني بالفسخ فمن أصحابنا من قال له أن يفسخ من غير إذنه لأن له أن يفسخ من غير شرط الاستثمار فلا يسقط حقه بذكر الاستثمار وتأول ما قاله على أنه أراد به أنه لا يقول استأمرته إلا بعد أن يستأمره لئلا يكون كاذباً ومنهم من حمله على ظاهره أنه لا يجوز أن يفسخ لأنه ثبت بالشرط فكان على ما شرط وإذا شرط الخيار في البيع ففي ابتداء مدته وجهان: أحدهما من حين العقد لأنها مدة ملحقة بالعقد فاعتبر ابتداؤها من حين العقد كالأجل ولأنه اعتبر من
١ رواه البخاري في كتاب البيوع باب ٤٨.مسلم في كتاب البيوع حديث ٤٨. أبو داود في كتاب البيوع باب ٦٦. الترمذي في كتاب البيوع باب ٢٨. الموطأ في كتاب البيوع حديث رقم ٩٨. أحمد في مسنده"٢/٨٠".