للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولايجوز بيع مالا يملكه من غير إذن مالكه لما روى حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبع ماليس عندكسيئ١" ولأن مالا يملكه لا يقدر على تسليمه فهو كالطير في الهواء أو السمك في الماء.

فصل: ولا يجوز بيع ما لم يستقر ملكه عليه كبيع الأعيان المملوكة بالبيع والإجازة والصداق وماأشبهها من المعاوضات قبل القبض لما روي أن حكيم بن حزام قال يا رسول الله إني أبيع بيوعاً كثيرة فما يحل لي منها مما يحرم قال: "لاتبع ما لم تقبضه٢" ولأن ملكه عليه غير مستقر لأنه بما هلك فانفسخ العقد وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز وهل يجوز عتقه؟ فيه وجهان: أحدهما أنه لايجوز لما ذكرناه والثاني يجوز لأن العتق له سراية فصح لقوته فأما ماملكه بغير معاوضة كالميراث والوصية أو عاد إليه بفسخ عقد فإنه يجوز بيعه وعتقه قبل القبض لأن ملكه مستقر فجاز التصرف فيه كالمبيع بعد القبض وأما الديون فينظر فيها فإن كان الملك مستقراً كغرامة المتلف وبدل القرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض لأن ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع وهل يجوز من غيره فيه وجهان: أحدهما لا يجوز لأن ما جاز بيعه ممن عليه جاز بيعه من غيره كالوديعه والثاني لا يجوز لأنه لا يقدر على تسليمه إليه لأنه ربما منعه أوجحده وذلك غرر لاحاجة به إليه فلم يجز والأول أظهر لأن الظاهر أنه يقدر على تسليمه إليه من غير منع ولاجحود وإن كان الدين غير مستقر نظرت فإن كان مسلماً فلم يجز بيعه لما روي أن ابن عباس رضي الله عنه سئل عن رجل أسلف في حلل دقاق فلم يجد تلك الحلل فقال: آخذ منك مقام كل حلة من الدقاق حلتين من الجل فكرهه ابن عباس وقال خذ برأس المال علفاً أو غنماً ولأن الملك في المسلم فيه غير مستقر لأنه ربما تعذر فانفسخ البيع فيه فلم يجز بيعه كالمبيع قبل القبض وإن كان ثمنا في بيع ففيه قولان: قال في الصرف يجوز بيعه قبل القبض لما روى ابن عمر قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير فآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لابأس ما لم تتفرقا وبينكما شيء" ولأنه لا يخشى انفساخ العقد فيه بالهلاك فصار كالمبيع بعد


١ رواه أبو داود في كتاب البيوع باب ٦٨. الترمذي في كتاب البيوع باب ٩. النسائي في كتاب البيوع باب ٦٠. ابن ماجة في كتاب التجارات باب ٢٠.
٢ رواه النسائي في كتاب البيوع باب ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>