فصل: ولا يجوز بيع مجهول القدر فإن قال قد بعتك بعض هذه الصبرة لم يصح البيع لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وفي بيع البعض غرر لأنه يقع على القليل والكثير ولأنه نوع بيع فلم يصح مع الجهل بقدر المبيع كالسلم وإن قال بعتك هذه الصبرة جاز وإن لم يعرف قفزانها وإن قال بعتك هذه الدار أو هذا الثوب جاز وإن لم يعرف ذرعانها لأن غرر الجهالة ينتفي عنهما بالمشاهدة قال الشافعي: وأكره بيع الصبرة جزافاً لأنه يجهل قدرها على الحقية وإن قال بعتك ثلثها أو ربعها أو بعتك إلا ثلثها أو ربعها جاز لأن من عرف الشيء عرف ثلثه وربعه وما يبقى بعدهما وإن قال بعتك هذه الصبرة إلا قفيزاً منها أو هذه الدار أو هذا الثوب إلا ذراعاً منه نظرت فإن علما مبلغ قفزان الصبرة وذرعان الدار والثوب جاز لأن المبيع معلوم إن لم يعلما ذلك لم يجز لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا ولأن المبيع هو الباقي بعد القفيز والذراع وذلك مجهول وإن قال بعتك عشرة أقفزة من هذه الصبرة جاز لأنها معلومة القدر والصفة فإن اختلفا فقال البائع أعطيك من أسفلها وقال المشتري من أعلاها فالخيار إلى البائع فمن أي موضع أعطاه جاز لأنه أعطاه من الصبرة وإن قال بعتك عشرة أذرع من هذه الدار أو عشرة أذرع من هذا الثوب فإن كانا يعلمان مبلغ ذرعان الدار والثوب وأنها مئة ذراع صح البيع في عشرها لأن العشرة من المئة عشرها فلا فرق بين أن يقول بعتك عشرها وبين أن يقول بعتك عشرة من مئة ذراع منها وإن لم يعلما مبلغ ذرعان الدار والثوب لم يصح لأنه إن جعل البيع في عشر أذرع مشاعة لم يعرف قدر المبيع أنه عشرها أو ثلثها أو سدسها وإن جعل البيع في عشرة أذرع من موضع بعينه لم يعرف صفة المبيع فإن أجزاء الثوب والدار تختلف وقد يكون بعضها أجود من بعض وإن قال بعتك عشرة أذرع ابتداؤها من هذا المكان ولم يبين المنتهى ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأن أجزاء المبيع مختلفة وقد ينتهي إلى موضع يخالف موضع