أصحابنا في موضع القولين فمنهم من قال القولان فيما يتقسط العوض عليه بالقيمة فأما ما يتقسط العوض عليه بالأجزاء فإنه يمسك الباقي بالقسط من الثمن قولاً واحداً لأن فيما يتقسط الثمن عليه بالقيمة ما يخص الجائز مجهول فدعت الضرورة إلى أن يجعل جميع الثمن في مقابلته ليصير معلوماً وفيما يتقسط الثمن عليه بالأجزاء ما يخص الجائز معلوم فلا حاجة بنا إلى أن نجعل جميع الثمن في مقابلته ومنهم من قال: القولان في الجميع وهو الصحيح لأنه نص على القولين في بيع الثمرة قبل أن تخرج الزكاة والثمار مما يتقسط الثمن عليها بالأجزاء فإن قلنا يمسك بجميع الثمن لم يكن للبائع الخيار لأنه لا ضرر عليه وإن قلنا يمسك بحصته فهل للبائع الخيار؟ فيه وجهان أحدهما أن له الخيار لأنه تبعضت عليه الصفقة فيثبت له الخيار كما يثبت للمشتري والثاني لاخيار له لأنه دخل على بصيرة لأن الحر لا يؤخذ منه بثمن وإن باع مجهولاً ومعلوماً فإن قلنا لاتفرق الصفقة بطل العقد فيهما وإن قلنا تفرق وقلنا إنه يمسك الجائز بحصته بطل البيع فيه لأن الذي يخصه مجهول وإن قلنا يمسكه بجميع الثمن صح العقد فيه وإن جمع بين حلالين ثم تلف أحدهما قبل القبض بطل البيع فيه وإن يبطل في الباقي فيه طريقان: أحدهما أنه على القولين في تفريق الصفقة لأن ما يحدث من الهلاك قبل القبض كالموجود في حال العقد في إبطال العقد فوجب أن يكون كالموجود في حال العقد فيما ذكرناه والثاني لايبطل إلا فيما تلف لأن في الجمع ما بين الحلال والحرام إنما بطل للجهل بالعوض أو للجمع بين الحلال والحرام في العقد ولا يوجد ههنا واحد منهما فعلى هذا يصح العقد في الباقي وللمشتري الخيار في فسخ العقد لأنه تفرقت عليه الصفقة فإن أمضاه أخذ البا قي بقسطه من الثمن قولاً واحداً لأن العوض ههنا قابل المبيعين فانقسم عليهما فلا يتغير بالهلاك.
فصل: وإن جمع بين بيع وإجارة أو بين بيع وصرف أو بين عبدين بشرط الخيار في أحدهما دون الآخر بعوض واحد ففيه قولان: أحدهما أنه يبطل العقدان لأن أحكام العقدين متضادة وليس أحدهما أولى من الآخر فبطل الجميع والثاني أنه يصح العقدان وينقسم العوض عليهما على قدر قيمتهما لأنه ليس فيه أكثر من اختلاف حكم