للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو بالخيار بأن يمسك وبين أن يرد لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصروا الإبل والغنم للبيع فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ثلاثاً إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر١" وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحاً٢" واختلف أصحابنا في وقت الرد فمنهم من قال يتقدر الخيار بثلاثة أيام فإن علم بالتصرية فيما دون الثلاث كان له الخيار في بقية الثلاث للسنة ومنهم من قال: إذا علم بالتصرية ثبت له الخيار على الفور فإن لم يرد سقط خياره لأنه خيار ثبت لنقص فكان على الفور كخيار الرد بالعيب.

فصل: فإن اختار رد المصراة رد بدل اللبن الذي أخذه واختلفت الرواية فيه فروى أبو هريرة صاعاً من تمر وروى ابن عمر مثل أو مثلي لبنها قمحاً واختلف أصحابنا فيه فقال أبو العباس بن سريج: يرد في كل بلد من غالب قوته وحمل حديث أبو هريرة على من قوت بلده التمر وحديث ابن عمر على من قوت بلده القمح كما قال في زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير وأراد التمر لمن قوته التمر والشعير لمن قوته الشعير وقال أبو إسحاق: الواجب صاع من تمر لحديث أبو هريرة وتأول حديث ابن عمر عليه إذا كان مثل لبنها من القمح أكثر قيمة من صاع من التمر فتطوع به وإن كان قيمة الصاع بقيمة الشاة أو أكثر ففيه وجهان: قال أبو إسحاق: يجب عليه قيمة صاع بالحجاز لأنا لو أوجبنا صاعاً بقيمة الشاة حصل للبائع الشاة وبدلها فوجب قيمة الصاع بالحجاز لأنه هو الأصل ومن أصحابنا من يقول يلزمه الصاع وإن كان بقيمة الشاة أو أكثر ولا يؤدي إلى الجمع بين الشاة وبدلها لأن الصاع ليس ببدل عن الشاة وإنما هو بدل عن اللبن فجاز كما لو غصب عبداً فخصاه فإنه يرد العبد مع قيمته ولا يكون ذلك جمعاً بين العبد وقيمته لأن القيمة بدل عن العضو المتلف وإن كان ما حلب من اللبن باقياً فأراد رده ففيه وجهان: قال أبو إسحاق: لا يجبر البائع على أخذه لأنه أصبح بالحلب ناقصاً لأنه يسرع إليه التغير فلا يجبر على أخذه ومن أصحابنا من قال يجبر لأن نقصانه حصل


١ رواه البخاري في كتاب البيوع باب ٦٤، ٧١.أبو داود في كتاب البيوع باب ٤٦. النسائي في كتاب البيوع باب ١٤. ابن ماجة في كتاب التجارات باب ٤٢. أحمد في مسنده "١/٤٣٠".
٢ رواه البخاري في كتاب البيوع باب ٦٤، ٦٥. أبو داود في كتاب البيوع باب ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>