للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرراً في تبعيض الصفقة عليه فلم يجز من غير رضاه وإن اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيباً فهل له أن يفرده بالرد؟ فيه قولان: أحدهما لا يجوز لأنه تبعيض صفقة على البائع فلم يجز من غير رضاه والثاني يجوز لأن العيب اختص بأحدهما فمجاز أن يفرده بالرد وإن ابتاع اثنان عبداً فأراد أحدهما أن يمسك حصته وأراد الآخر أن يرد حصته جاز لأن البائع فرق الملك في الإيجاب لهما فجاز أن يرد عليه أحدهما دون الآخر كما لو باع منهما في صفقتين فإن مات من له الخيار انتقل إلى وارثه لأنه حق لازم يختص بالمبيع فانتقل بالموت إلى الوارث كحبس المبيع إلى أن يحضر الثمن فإن كان له وارثان فاختار أحدهما أن يرد نصيبه دون الآخر لم يجز لأنه تبعيض صفقة في الرد فلم يجز من غير رضا البائع كما لو أراد المشتري أن يرد بعض المبيع.

فصل: وإن وجد العيب وقد زاد المبيع نظرت فإن كانت الزيادة لا تتميز كالسمن واختار الرد مع الزيادة لأنها لا تنفرد عن الأصل في الملك فلا يجوز أن ترد دونها وإن كانت زيادة منفصلة كأكساب العبد فله أن يرد ويمسك الكسب لما روت عائشة رضي الله عنها أن رجلاً ابتاع غلاماً فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد به عيبا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورد عليه فقال الرجل يا رسول الله قد استغل غلامي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان١" وإن كان المبيع بهيمة فحملت عنده وولدت أو شجرة فأثمرت عنده رد الأصل وأمسك الولد والثمرة لأنه نماء منفصل حدث في ملكه فجاز أن يمسكه ويرد الأصل كغلة البعد وإن كان المبيع جارية فحملت عنده وولدت ثم علم بالعيب ردها وأمسك الولد لما ذكرناه ومن أصحابنا من قال: لا يرد الأم بل يرجع بالأرش لأن التفريق بين الأم والولد فيما دون سبع سنين لا يجوز وهذا لا يصح لأن التفريق بينهما يجوز عند الضرورة ولهذا قال الشافعي رحمه الله في الجارية المرهونة إنها تباع دون الولد فإن اشتراها وهي حامل فولدت عنده فإن قلنا إن الحمل له حكم رد الجميع وإن قلنا لا حكم للحمل رد الأم دون الولد وإن كان المبيع جارية ثيباً فوطئها ثم علم بالعيب فله أن يردها لأنه انتفاع لا يتضمن نقصاً فلم يمنع الرد كالاستخدام وإن وجد العيب وقد نقص المبيع نظرت فإن كان النقص بمعنى لا يقف استعلام العيب على جنسه كوطء البكر وقطع الثوب وتزويج الأم لم يجز له الرد بالعيب لأنه أخذه من البائع


١ رواه أبو داود في كتاب البيوع باب ٧١. الترمذي في كتاب البيوع باب ٥٣. النسائي في كتاب البيوع باب ١٥. ابن ماجة في كتاب التجارات باب ٤٣. أحمد في مسنده "٦/٤٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>