بيعه فيجب رد الثمن فإن كان له قيمة كبيض النعامة والبطيخ الحامض وما دود بعضه من المأكول نظرت فإن كسر منه قدراً لا يوفق على العيب بما دونه ففيه قولان: أحدهما أنه لا يرد وهو قول المزني لأنه نقص حدث في يد المشتري فمنع الرد كقطيع الثوب والثاني لا يمنع الرد لأنه معنى لا يوقف على العيب إلا به فلم يمنع الرد كنشر الثوب فإن قلنا لا يرد رجع بأرش العيب على ما ذكرناه وإن قلنا يرد فهل يلزمه أن يدفع معه أرش الكسر؟ فيه قولان: أحدهما يلزمه كما يلزمه بدل لبن الشاة المصراة والثاني لا يلزمه لأن الكسر الذي يتوصل به إلى معرفة العيب مستحق له فلا يلزمه لأجله أرش فإنا قلنا يلزمه الأرش قوم معيباً صحيحاً ومعيباً مكسوراً ثم يرجع عليه بما بين القيمتين لأنه لما رد انفسخ العقد فصار فيه كالمقبوض بالسوم والمقبوض بالسوم مضمون بالقيمة فضمن نقصانه بما نقص من القيمة ويخالف الأرش مع بقاء العقد لأن المبيع مع بقاء العقد مضمون بالثمن فضمن نقصانه بجزء من الثمن وإن كسر منه قدراً يمكنه الوقوف على العيب بأقل منه ففيه طريقان أحدهما: لا يجوز الرد قولاً واحداً لأنه نقص حدث بمعنى لا يحتاج إليه لمعرفة العيب فمنع الرد كقلع الثوب والثاني أنه على القولين لأنه يشق التمييز بين القدر الذي يحتاج إليه في معرفة العيب وبين ما زاد عليه فسوي بين القليل والكثير.
فصل: وإن لم يعلم بالعيب حتى أبق العبد لم يطالب بالأرش لأنه لم ييأس من الرد فإن رجع رده بالعيب وإن هلك أخذ عنه الأرش فإن لم يعلم بالعيب حتى باعه لم يجز له المطالبة بالأرش قال أبو إسحاق: العلة فيه أنه استدرك الظلامة فغبن كما غبن فزال عنه ضرر العيب وقال أكثر أصحابنا العلة فيه أنه ييأس من الرد لأنه قد يرجع إليه فيرد عليه فإن رد المشتري الثاني بالعيب على المشتري الأول رده على البائع لأنه أمكنه الرد ولم يستدرك الظلامة وإن حدث عند الثاني عيب فرجع على الأول بالأرش رجع هو على بائعه لأنه أيس من الرد ولم يستدرك الظلامة وإن تلف في يد الثاني وقلنا بتعليل أبي إسحاق لم يرجع لأنه استدرك الظلامة وإن قلنا بتعليل غيره رجع بالأرش لأنه قد أيس من الرد وإن رجع المبيع إليه ببيع أو هبة أو إرث لم يرد على تعليل أبي إسحاق لأنه استدرك الظلامة وعلى تعليل غيره يرد لأنه أمكنه الرد فإن لم يعلم بالعيب حتى وهبه من غيره فإن كان بعوض كالبيع وقد بيناه وإن وهبه بغير عوض لم يرجع بالأرش لأنه لم ييأس من الرد فإن رجع إليه ببيع أو هبة أو إرث فله الرد بلا خلاف لأنه أمكنه الرد ولم يستدرك الظلامة.