للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو العباس: هذا الذي قال المزني حسن فأما الأكمه الذي لا يعرف الصفات فلا يصح سلمه لأنه يعقد على مجهول وبيع المجهول لا يصح وقال أبو إسحاق: يصح السلم من الأعمى وإن كان أكمه لأنه يعرف الصفات بالسماع.

فصل: وينعقد بلفظ السلف والسلم وفي لفظ البيع وجهان: من أصحابنا من قال: لا ينعقد السلم بلفظ البيع فإذا عقد بلفظ البيع كان بيعاً ولا يشترط فيه قبض العوض في المجلس لأن السلم غير البيع فلا ينعقد بلفظه ومنهم من قال ينعقد لأنه نوع بيع يقتضي القبض في المجلس فانعقد بلفظ البيع كالصرف.

فصل: ويثبت فيه خيار المجلس لقوله صلى الله عليه وسلم: "المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا" ولا يثبت فيه خيار الشرط لأنه لا يجوز أن يتفرقا قبل تمامه ولهذا لا يجوز أن يتفرقا قبل قبض العوض فلو أثبتنا فيه خيار الشرط أدى إلى أن يتفرقا قبل تمامه.

فصل: ويجوز مؤجلاً للآية ويجوز حالاً لأنه إذا جاز مؤجلاً فلأن يجوز حالاً وهو من الغرر أبعد أولى ويجوز في المعدوم إذا كان موجوداً عند المحل لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمرة السنتين والثلاث فقال: "أسلفوا في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم١" فلو لم يجز السلم في المعدوم لنهاهم عن السلم في الثمار السنتين والثلاث ويجوز السلم في الموجود لأنه إذا جاز السلم في المعدوم فلأن يجوز في الموجود أولى لأنه أبعد من الغرر.

فصل: ويجوز السلم في كل مال يجوز بيعه وتضبط صفاته كالأثمان والحبوب والثمار والثياب والدواب والعبيد والجواري والأصواف والأشعار والأخشاب والأحجار والطين والفخار والحديد والرصاص والبللور والزجاج وغير ذلك من الأموال التي تباع وتضبط بالصفات والدليل عليه حديث ابن عباس في الثمار وروى عبد الله بن أبي أوفى قال: كنا نسلف ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا في الزيت والحنطة وروى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل فأمره أن يأخذ على


١ رواه أحمد في مسنده "١/٣٥٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>