كالحاجة إلى القوت فإن كان له من تلزمه نفقته من زوجة أو قريب ترك لهم ما يحتاجون إليه من النفقة والكسوة بالمعروف لأنهم يجرون مجراه في النفقة والكسوة ولا تترك له دار ولا خادم لأنه يمكنه أن يكترى داراً يسكنها وخادماً يخدمه وإن كان له كسب جعلت نفقته في كسبه لأنه لا فائدة في إخراج ماله في نفقته وهو يكتسب ما ينفق.
فصل: وإذا أراد الحاكم بيع ماله فالمستحب أن يحضره لأنه أعرف بثمن ماله فإن لم يكن من يتطوع بالنداء استؤجر من ينادي عليه من سهم المصالح لأن ذلك من المصالح فهو كأجرة الكيال والوزان في الأسواق فإن لم يكن سهم المصالح اكترى من مال المفلس لأنه يحتاج إليه لإيفاء ما عليه فكان عليه ويقدم على سائر الديون لأن في ذلك مصلحة له ويباع كل شيء في سوقه لأن أهل السوق أعرف بقيمة المتاع ومن يطلب السلعة في السوق أكثر ويبدأ بما يسرع إليه الفساد لأنه إذا أخر ذلك هلك وفي ذلك إضرار وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا إضرار" ثم في بالحيوان لأنه يحتاج إلى علف ويخاف عليه التلف ويتأنى بالعقار لأنه إذا تأنى به كثر من يطلبه ولا يتأنى به أكثر من ثلاثة أيام لأن فيما زاد إضراراً بالغرماء في تأخير حقهم فإن كان في المال رهن أو عبد تعلق الأرض برقبته بيع في حق المرتهن والمجني عليه لأن حقهما يختص بالعين فقدم وإن بيع له متاع وقبض ثمنه فهلك الثمن واستحق المبيع رجع المشتري بالعهدة في مال المفلس وهل يقدم على سائر الغرماء روى المزني أنه يقدم وروى الربيع أنه أسوة الغرماء فمن أصحابنا من قال فيه قولان: أحدهما يقدم لأن في تقدمه المصلحة فإنه متى لم يقدم تجنب الناس شراء ماله خوفاً من الاستحقاق فإذا قدم رغبوا في شراء ماله والثاني إنه أسوة الغرماء لأن هذا دين تعلق بذمته بغير رضى من له الحق فضرب به مع الغرماء كأرش الجناية ومنهم من قال إن لم يفك الحجر عنه قدم لأن فيه مصلحة له وإن فك الحجر عنه كسائر الغرماء وحمل رواية الربيع على هذا.
فصل: وإن كان في الغرماء من باع منه شيئاً قبل الإفلاس ولم يأخذ من ثمنه شيئاً ووجد عين ماله على صفته ولم يتعلق به حق غيره فهو بالخيار بين أن يترك ويضرب مع الغرماء بالثمن وبين أن يفسخ البيع ويرجع في عين ماله لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من باع سلعة ثم أفلس صاحبها فوجدها بعينها فهو أحق بها من الغرماء١" وهل يفتقر الفسخ إلى إذن الحاكم فيه وجهان: قال أبو إسحاق لا يفسخ إلا
١ رواه أبو داود في كتاب البيوع باب ٧٤. ابن ماجة في كتاب الأحكام باب ٢٦.