للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: وإن بلغ مبذراً استديم الحجر عليه لأن الحجر عليه إنما يثبت للحاجة إليه لحفظ المال والحاجة قائمة مع التبذير فوجب أن يكون الحجر باقياً وإن بلغ مصلحاً للمال فاسقاً في الدين استديم الحجر عليه لقوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] والفاسق لم يؤنس منه الرشد ولأن حفظه للمال لا يوثق به مع الفسق لأنه لا يؤمن أن يدعوه الفسق إلى التبذير فلم يفك الحجر عنه ولهذا لم تقبل شهادته وإن كان معروفاً بالصدق لأنا لا نأمن أن يدعوه الفسق إلى الكذب وينظر في ماله من كان ينظر في حال الصغر وهو الأب والجد والوصي والحاكم لأنه حجر ثبت من غير قضاء فكان النظر إلى من ذكرنا كالحجر على الصبي والمجنون.

فصل: وإن بلغ مصلحاً للدين والمال فك عنه الحجر لقوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] وهل يفتقر فك الحجر إلى الحاكم فيه وجهان: أحدهما لا يفتقر إلى الحاكم لأنه حجر ثبت من غير حكم فزال من غير حكم كالحجر على المجنون والثاني أنه يفتقر إلى الحاكم لأنه يحتاج إلى نظر واختبار فافتقر إلى الحاكم كفك الحجر عن السفيه.

فصل: وإن فك عنه الحجر ثم صار مبذراً حجر عليه لما روي أن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه ابتاع أرضاً سبخة بستين ألفاً فقال عثمان: ما يسرني أن تكون لي بنعلي معاً فبلغ ذلك علياً كرم الله وجهه وعزم أن يسأل عثمان أن يحجر عليه فجاء عبد الله بن جعفر إلى الزبير وذكر أن علياً يريد أن يسأل عثمان رضي الله عنهما أن يحجر عليه فقال الزبير أنا شريكك فجاء علي إلى عثمان رضي الله عنهما وسأله أن يحجر عليه فقال كيف أحجر على من شريكه الزبير فدل على جواز الحجر لأن كل معنى اقتضى الحجر إذا قارن البلوغ اقتضى الحجر إذا طرأ بعد البلوغ كالجنون فإن فك عنه الحجر ثم صار فاسقاً ففيه وجهان: قال أبو العباس: يعاد عليه الحجر لأنه معنى يقتضي الحجر عند البلوغ فاقتضى الحجر بعده كالتبذير وقال أبو إسحاق: لا يعاد عليه الحجر لأن الحجر للفسق لخوف التبذير وتبذير الفاسق ليس بيقين فلا يزال به ما تيقنا من حفظه للمال ولا يعاد عليه الحجر بالتبذير إلا بالحاكم لأن علياً كرم الله وجهه أتى عثمان رضي الله عنه وسأله أن يحجر على عبد الله بن جعفر ولأن العلم بالتبذير يحتاج إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>