فأحال عليهما رجلاً عليه ألف على أن يطالب من شاء منهما بألف ففيه وجهان: أحدهما تصح وهو قول الشيخ أبو حامد الإسفرايني رحمه الله لأنه لا يأحذ إلا قدر حقه والثاني لا تصح وهو قول شيخنا القاضي أبي الطيب رحمه الله لأنه يستفتد بالحوالة زيادة في المطالبة وذلك لا يجوز ولأن الحوالة بيع فإذا خبرناه بين الرجلين صار كما لو قال بعتك أحد هذين العبدين.
فصل: ولا تجوز الحوالة إلا على من له عليه دين لأنا بينا أن الحوالة بيع ما في الذمة بما في الذمة فإذا أحال من لادين عليه كان بيع معدوم فلم تصح ومن أصحابنا من قال تصح إذا رضي المحال عليه لأنه تحمل دين يصح إذا كان عليه مثله فصح وإن لم يكن عليه مثله كالضمان فعلى هذا يطالب المحيل بتخليصه كما يطالب الضامن المضمون عنه بتخليصه فإن قضاه بإذنه رجع على المحيل وإن قضاه بغير إذنه لم يرجع.
فصل: ولا تصح الحوالة من غير رضا المحتال لأنه نقل حق من ذمة إلى غيرها فلم يجز من غير رضا صاحب الحق كما لو أراد أن يعطيه بالدين عيناً وهل تصح من غير رضا المحال عليه؟ ينظر فيه فإن كان على من لا حق له عليه وقلنا أنه تصح الحوالة على من لا حق له عليه لم تجز إلا برضاه وإن كان على من له عليه حق ففيه وجهان: أحدهما وهو قول أبي سعيد الاصطخري واختيار المزني أنه لا تجوز إلا برضاه لأنه أحد من تتم به الحوالة فاعتبر رضاه في الحوالة كالمحتال والثاني وهو المذهب أنه تجوز لأنه تفويض قبض فلا يعتبر فيه رضا من عليه كالتوكيل في قبضه ويخالف المحتال فإن الحق له فلا ينقل بغير رضاه كالبائع وههنا الحق عليه فلا يعتبر رضاه كالعبد في البيع.
فصل: إذا أحال بالدين انتقل الحق إلى المحال عليه وبرئت ذمة المحيل لأن الحوالة إما أن تكون تحويل حق أو بيع حق وأيهما كان وجب أن بيرأ به ذمة المحيل
فصل: ولا يجوز شرط الخيار فيه لأنه لم يبن على المغابنة فلا يثبت فيه خيار الشرط وفي خيار المجلس وجهان: أحدهما يثبت لأنه بيع فيثبت خيار المجلس كالصلح والثاني لا يثبت لأنه يجري مجرى الإبراء ولهذا لا يجوز بلفظ البيع فلم يثبت فيه خيار المجلس.