للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يكره أن يتولاها بنفسه فجاز أن يوكل فيه ويجوز ذلك من غير رضى الخصم لأنه توكيل في حقه فلا يعتبر فيه رضى من عليه كالتوكيل في قبض الديون ويجوز التوكيل في إثبات القصاص وحد القذف لأنه حق آدمي فجاز التوكيل في إثباته كالمال ولا يجوز التوكيل في إثبات حدود الله تعالى لأن الحق له وقد أمرنا فيه بالدرء والتوصل إلى إسقاطه وبالتوكيل يتوصل إلى إيجابه فلم يجز ويجوز التوكيل في استيفاء الأموال لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث العمال لقبض الصدقات وأخذ الجزي ويجوز في استيفاء حدود الله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أنيساً لإقامة الحد وقال: "يا أنيس اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" ووكل عثمان رضي الله عنه علياً كرم الله وجهه ليقيم حد الشرب على الوليد بن عقبة وأما القصاص وحد القذف فإنه يجوز التوكيل في استيفائهما بحضرة الموكل لأن الحاجة تدعو إلى التوكيل فيه لأنه قد يكون له حد أو قصاص ولا يحسن أن يستوفيه فجاز لأن يوكل فيه غيره وهل يجوز أن يستوفيه في غيبة الموكل؟ قال في الوكالة لا يستوفي وقال في الجنايات ولو وكل فتنحى به فعفا الموكل فقتله الوكيل بعد العفو وقبل العلم بالعفو ففي الضمان قولان: وهذا يدل على أنه يجوز أن يقتص مع غيبة الموكل فمن أصحابنا من قال يجوز قولاً واحداً وهو قول أبي إسحاق لأنه حق يجوز أن يستوفيه بحضرة الموكل فجاز في غيبته كأخذ المال وحمل قوله لا يستوفي على الاستحباب ومنهم من قال لا يجوز قولاً واحداً لأن القصاص والحد يحتاط في إسقاطهما والعفو مندوب إليه فيهما فإذا حضر رجونا أن يرحمه فيعفو عنه وحمل قوله في الجنايات على أنه أراد إذا انتفع به ولم يغب عن عينه فعفا ولم يسمع الوكيل فقتل ومنهم من قال فيه قولان: أحدهما يجوز والثاني لا يجوز ووجههما ما ذكرناه.

فصل: ويجوز التوكيل في فسخ العقود لأنه إذا جاز التوكيل في عقدها ففي فسخها أولى ويجوز أن يوكل في الإبراء من الديون لأنه إذا جاز التوكيل في إثباته واستيفائها جاز التوكيل في الإبراء عنها وفي التوكيل في الإقرار وجهان: أحدهما يجوز وهو ظاهر النص لأنه إثبات مال في الذمة بالقول فجاز التوكيل فيه كالبيع والثاني لا يجوز وهو قول أبي العباس لأنه توكيل في إخبار عن حق فلم يجز كالتوكيل في الشهادة بالحق فإذا قلنا لا يجوز فهل يكون توكيله إقراراً فيه وجهان: أحدهما أنه إقرار لأنه لم يوكل في الإقرار بالحق إلا والحق واجب عليه والثاني أنه لا يكون إقراراً كما لا يكون التوكيل في الإبراء إبراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>