للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويجوز للموكل أن يعزل الوكيل إذا شاء ويجوز للوكيل أن يعزل نفسه متي شاء، لأنه أذن في التصرف في ماله فجاز لكل واحد منهما إبطاله كالإذن في أكل طعامه، وإن رهن عند رجل شيئا وجعلاه علي يد عدل واتفقا علي أنه يبيعه إذا حل الدين ثم عزله الراهن عن البيع انعزل لأنه وكيله في البيع فأنعزل بعزله كالوكيل في بيع غير الرهن وإن عزله المرتهن ففيه وجهان: أحدهما أنه ينعزل وهو ظاهر النص لأنه يبيع الرهن لحقه فانعزل بعزله كالراهن، والثاني لا ينعزل وهو قول أبي إسحاق لأنه ليس بوكيل له في البيع فلم ينعزل بعزله، وإن وكل رجلا في تصرف وأذن له في توكيل غيره نظرت، فإن أذن له في التوكيل عن الموكل فهما وكيلان للموكل، فإن بطلت وكالة أحدهما لم تبطل وكالة الآخر، وإن أذن له في توكيله عن نفسه فإن الثاني وكيل الوكيل فإن عزله الموكل انعزل لأنه يتصرف فملك عزله كالوكيل وإن عزله الوكيل انعزل لأنه وكيله فانعزل بعزله وإن بطلت وكالة الوكيل بطلت وكالته، لأنه فرع له فإذا بطلت وكالة الأصل بطلت وكالة الفرع وإن وكل رجلا في أمر ثم خرج عن أن يكون من أهل التصرف في ذالك الأمر بالموت أو الجنون أو الإغماء أو الحجر أو الفسق بطلت الوكالة، لأنه لا يملك التصرف فلا يملك غيره من جهته. وإن أمر عبده بعقد ثم عتقه أو باعه ففيه وجهان: أحدهما لا ينعزل كما لو أمر زوجته بعقد ثم طلقها، والثاني أنه ينعزل لأن ذالك ليس بتوكيل في الحقيقة، وإنما هو أمر ولهذا يلزم إمتثاله وبالعتق والبيع سقط أمره عنه وإن وكل في بيع عين فتعدي فيها بأن كان ثوبا فلبسه أو دابة فركبها فهل تبطل الوكالة أم لا؟ في وجهان: أحدهما تبطل فلا يجوز له البيع لأنه عقد أمانه فتبطل بالخيانه كالوديعة، والثاني أنها لا تبطل لأن العقد يتضمن أمانة وتصرفا، فإذا تعدي فيه بطلت الأمانة وبقي التصرف كالرهن يتضمن أمانة ووثيقة فإذا تعدي فيه بطلت الأمانة وبقيت الوثيقة. وإن وكل رجلا في تصرف ثم عزله ولم يعلم الوكيل بالعزل ففيه قولان: أحدهما لا ينعزل فإن تصرف صح تصرفه لأنه أمر فلا يسقط حكمه قبل العلم بالنهي كأمر صاحب الشرع، والثاني أنه ينعزل فإن تصرف لم ينفذ تصرفه لأنه قطع عقد لا يفتقر إلي رضاه فلم يفتقر إلي علمه كالطلاق.

فصل: والوكيل أمين فيما في يده من مال الموكل، فإن تلف في يده من غير تفريط لم يضمن لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف، فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد الموكل فلم يضمن، وإن وكله في بيع سلعة وقبض ثمنها فباعها وقبض ثمنها وتلف الثمن

<<  <  ج: ص:  >  >>