للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا ركب دابة غيره ثم اختلفا فقال المالك أكريتها فعليك الأجرة وقال الراكب بل أعرتنيها فلا أجرة لك فقد قال في العارية القول قول الراكب وقال في المزارعة إذا دفع أرضه إلى رجل فزرعها ثم اختلفا فقال المالك أكريتكها وقال الزارع بل أعرتنيها فالقول قول المالك فمن أصحابنا من حمل المسألتين على ظاهرهما فقال في الدابة القول قول الراكب وقال في الأرض القول قول المالك لأن العادة أن الدواب تعار فالظاهر فيها مع الراكب والعادة في الأرض أنها تكرى ولا تعار فالظاهر فيها مع المالك ومنهم من نقل الجواب في كل واحدة منهما الأخرى وجعلهما على قولين وهو اختيار المزني: أحدهما أن القول قول المالك لأن المنافع كالأعيان في الملك والعقد عليها ثم لو اختلفا في عين فقال المالك بعتكها وقال الآخر بل وهبتنيها كان القول قول المالك فكذلك إذا اختلفا في المنافع والثاني أن القول قول المتصرف لأن المالك أقر بالمنافع له ومن أقر لغيره بملك ثم ادعى عليه عوضاً لم يقبل قوله فإن قلنا إن القول قول المالك حلف ووجبت له الأجرة وفي قدر الأجرة وجهان: أحدهما يجب المسمى لأنه قبل قوله فيها وحلف عليها والثاني أنها تجب أجرة المثل وهو المنصوص لأنهما لو اتفقا على الأجرة واختلفا في قدرها وجبت أجرة المثل فلأن تجب أجرة المثل وقد اختلفا في الأجرة أولى فإن نكل عن اليمين لم يرد على المتصرف لأن اليمين إنما ترد ليستحق بها حق والمتصرف لا يدعي حقاً فلم ترد عليه وإن قلنا إن القول قول المتصرف حلف وبريء من الأجرة فإن نكل رد اليمين على المالك فإن حلف استحق المسمى وجهاً واحداً لأن يمينه بعد النكول كالبينة في أحد القولين وكالإقرار في الآخر وأيهما كان وجب المسمى وإن تلفت الدابة بعد الركوب ثم اختلفا فإن قلنا إن القول قول المالك حكم له بالأجرة وإن قلنا القول قول الراكب فهل يلزمه أقل الأمرين من الأجرة أو القيمة؟ فيه وجهان: أحدهما يلزمه لاتفاقهما على استحقاقه والثاني لا يحكم له بشيء لأنه لا يدعي القيمة ويستحق الأجرة.

فصل: وإن قال المالك غصبتنيها فعليك الأجرة وقال المتصرف بل أعرتنيها فلا أجرة علي فإن المزني نقل أن القول قول المستعير واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال المسألة على طريقين كما ذكرنا في المسألة قبلها أحدهما الفرق بين الأرض والدابة والثاني أنهما على قولين لأن الخلاف في المسألتين جميعاً في وجوب الأجرة والمالك يدعي وجوبها والمتصرف ينكر فيجب أن لا يختلفا في الطريقين ومنهم من قال إن القول قول المالك وما نقل المزني غلط لأن في تلك المسألة أقر المالك للمتصرف بملك

<<  <  ج: ص:  >  >>