فصار زرعاً أو كان زرعاً فصار حباً فللمغصوب منه أن يرجع به لأنه عين ماله فإن نقصت قيمته بالاستحالة رجع بأرش النقص لأنه حدث في يده وإن غصب عصيراً فصار خمراً ضمن العصير بمثله لأنه بانقلابه خمراً سقطت قيمته فصار كما لو غصب حيواناً فمات فإن صار الخمر خلاً رده وهل يلزمه ضمان العصير مع رد الخل؟ فيه وجهان: أحدهما يلزمه لأن الخل غير العصير فلا يسقط برد الخل ضمان ما وجب بهلاك العصير والثاني لا يلزمه لأن الخل عين العصير فلا يلزمه مع ردها ضمان العصير فعلى هذا إن كانت قيمة الخل دون قيمة العصير رد مع الخل أرش النقص.
فصل: وإن غصب شيئاً فعمل فيه عملاً زادت به قيمته بأن كان ثوباً فقصره أو قطناً فغزله أو غزلاً فنسجه أو ذهباً فصاغه حلياً أو خشباً فعمل منه باباً رده على المالك لأنه عين ماله ولا يشارك الغاصب فيه ببدل عمله لأنه عمل تبرع به في ملك غيره فلم يشاركه ببدله.
فصل: وإن غصب شيئاً فخلطه بما لا يتميز منه من جنسه بأن غصب صاعاً من زيت فخلطه بصاع من زيته أو صاعاً من الطعام فخلطه بصاع من طعامه نظرت فإن خلطه بمثله في القيمة فله أن يدفع إليه صاعاً منه لأنه تعذر بالاختلاط عين ماله فجاز أن يدفع إليه البعض من مثله وإن أراد أن يدفع إليه مثله من غيره وطلب المغصوب منه مثله منه ففيه وجهان: أحدهما وهو المنصوص أن الخيار إلى الغصب لأنه لا يقدر على رد عين ماله فجاز أن يدفع إليه مثله كما لو هلك والثاني وهو قول أبي إسحاق وأبي علي ابن أبي هريرة أنه يلزمه أن يدفع صاعاً منه لأنه يقدر أن يدفع إليه بعض ماله فلا ينتقل إلى البدل في الجميع ما لو غصب صاعاً فتلف بعضه وإن خلطه بأجود منه فإن بذل الغاضب صاعاً منه لزم المغصوب منه قبوله لأنه دفع إليه بعض ماله وبعض مثله خيراً منه وإن بذل مثله من غيره وطلب المغصوب منه صاعاً منه ففيه وجهان: أحدهما وهو المنصوص في الغصب أن الخيار إلى الغاصب لأنه تعذر رد المغصوب بالاختلاط فقبل منه المثل والثاني أنه يباع الجميع ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتهما وهو المنصوص في التفليس لأنا إذا فعلنا ذلك أوصلنا كل واحد منهما إلى عين ماله وإذا أمكن الرجوع إلى عين المال لم يلزم الرجوع إلى البدل فإن كان ما يخص المغصوب منه من الثمن أقل من قيمة ماله استوفى قيمة صاعه ودخل النقص على الغاصب لأنه نقص بفعله فلزمه ضمانه وعلى هذا الوجه إن طلب المغصوب منه أن يدفع إليه من الزيت المختلط بقدر قيمة ماله ففيه وجهان: أحدهما لا يجوز وهو قول أبي إسحاق لأنه يأخذ بعض صاع عن