شرط الخيار للمشتري وحده فإن قلنا إنه لا يملك أو قلنا إنه موقوف لم يأخذ لما ذكرناه خيار البائع وإن قلنا إنه يملكه ففيه قولان: أحدهما لا يأخذه لأنه بيع فيه خيار فلا يأخذ به كما لو كان الخيار للبائع والثاني يأخذه وهو الصحيح لأنه لا حق لغير المشتري والشفيع يملك إسقاط حقه ولهذا يملك إسقاط حقه بعد لزومه البيع واستقرار الملك فلأن يملك قبل لزومه أولى.
فصل: وتثبت الشفعة للكافر على المسلم لحديث جابر رضي الله عنه لا يحل حتى يؤذن شريكه فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به ولم يفرق ولأنه خيار جعل لدفع الضرر عن المال فاستوى فيه الكافر والمسلم كالرد بالعيب.
فصل: ولا يأخذ بالشفعة من لا يقدر على العوض لأنه إذا أخذه ولم يقدر على العوض أضر بالمشتري والضرر لا يزال بالضرر فإن أحضر رهناً أو ضميناً أو عوضاً عن الثمن لم يلزم قبوله لأنه ما استحق أخذه بالعوض لم يلزم قبول الرهن والضمين والعوض فيه كالمبيع في يد البائع.
فصل: ويأخذ الشفيع بالعوض الذي ملك به فإن اشتراه أخذه بالثمن لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإن باعه فهو أحق به بالثمن" وإن اشترى شقصاً وسيفاً بثمن قسم الثمن عليهما على قدر قيمتهما وأخذ الشقص بحصته وترك السيف على المشتري بحصته لأن الثمن ينقسم على المبيع على قدر قيمته ولا يثبت للمشتري الخيار في فسخ البيع بتفريق الصفقة عليه لأنه دخل في العقد على بصيرة أن الصفقة تفرق عليه وإن اشترى الشقص بثمن ثم ألحق به زيادة أو حط عنه بعض أو وجد به عيباً فأخذ عنه الأرش فعلى ما ذكرناه في بيع المرابحة فإن نقص الشقص في يد المشتري فقد روى المزني أن الشفيع يأخذه بجميع الثمن وقال في القديم يأخذه بالحصة واختلف أصحابنا في ذلك فمنهم من قال: فيه قولان: وهو الصحيح: أحدهما يأخذ بجميع الثمن كالعبد المبيع إذا ذهبت عينه في يد البائع فإن المشتري يأخذه بجميع الثمن والقول الثاني أنه يأخذه بالحصة وهو الصحيح لأنه أخذ بعض ما دخل في العقد فأخذه بالحصة كما لو كان معه سيف ومنهم من قال إن ذهب التالف ولم يذهب من الأجزاء شيء أخذ بالجميع لأن الذي يقابله الثمن أجزاء العين وهي باقية فإن تلف بعض الأجزاء من الآجر والخشب أخذه بالحصة لأنه تلف بعض ما يقابله الثمن فأخذ الباقي بالحصة وحمل القولين على هذين الحالين ومنهم من قال: إن تلف بجائحة من السماء أخذ بالجميع لأنه لم يحصل للمشتري بدل التالف وإن تلف بفعل آدمي أخذ بالحصة لأنه حصل للمشتري بدل التالف وحمل القولين على هذين الحالين.