قد علم بالثمن ثم نسي فإذا حلف لم يستحق الشفعة لأنه لا يستحق من غير بدل ولا يمكن أن يدفع إليه مالاً يدعيه وقال أبو العباس: يقال له إما أن تبين قدر الثمن أو نجعلك ناكلاً فيحلف الشفيع أن الثمن ألف ويستحق كما نقول فيمن ادعى على رجل ألفاً فقال للمدعى عليه لا أعلم القدر والمذهب الأول لأن ما يدعيه ممكن فإنه يجوز أن يكون قد اشتراه بثمن جزاف لا يعرف وزنه ويجوز أن يكون قد علم ثم نسي ويخالف إذا ادعى عليه ألفاً فقال لا أعرف القدر لأن هناك لم يجب عن الدعوى وههنا أجاب عن استحقاق الشفعة وإنما ادعى الجهل بالثمن.
فصل: وإن قال المشتري الثمن ألف وقال الشفيع لا أعلم هل هو ألف أو أقل فهل له أن يحلف المشتري؟ فيه وجهان: أحدهما ليس له أن يحلفه حتى يعلم لأن اليمين لا يجب بالشك والثاني له أن يحلفه لأن المال لا يملك بمجرد الدعوى وإن قال المشتري الثمن ألف وقال الشفيع لا أعلم كم هو ولكنه دون الألف فالقول قول المشتري فإن نكل لم يحلف الشفيع حتى يعلم قدر الثمن لأنه لا يجوز أن يحلف على ما لم يعلم.
فصل: وإن اشترى الشقص بعرض وتلف العرض واختلفا في قيمته فالقول قول المشتري لأن الشقص ملك له فلا ينتزع بقول المدعي.
فصل: وإن أقر المشتري أنه اشترى الشقص بألف وأخذ الشفيع بألف ثم ادعى البائع أن الثمن كان ألفين وصدقه المشتري لم يلزم الشفيع أكثر من الألف لأن المشتري أقر بأنه يستحق الشفعة بألف فلا يقبل رجوعه في حقه فإن كذبه المشتري فأقام عليه بينة أن الثمن ألفان لزم المشتري الألفان ولا يرجع على الشفيع بما زاد على الألف لأنه كذب البينة بإقراره السابق.
فصل: فإن كان بين رجلين دار وغاب احدهما وترك نصيبه في يد رجل فادعى الشريك على من في يده نصيب الغائب أنه اشتراه منه وأنه استحق أخذه بالشفعة فأقر به فهل يلزمه تسليمه إليه بالشفعة؟ فيه وجهان: أحدهما لا يسلمه لأنه أقر بالملك للغائب ثم ادعى انتقاله بالشراء فلم يقبل قوله والثاني يسلم إليه لأنه في يده فقبل قوله فيه.
فصل: وإن أقر أحد الشريكين في الدار أنه باع نصيبه من رجل ولم يقبض الثمن وصدقه الشريك وأنكر الرجل فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: لا نثبت الشفعة للشريك لأن الشفعة تثبت بالشراء ولم يثبت الشراء فلم تثبت الشفعة للشريك وذهب عامة أصحابنا إلى أنه تثبت الشفعة وهو جواب المزني فيما أجاب فيه على قول الشافعي