فصل: وإن مات أحدهما أو جن انفسخ لأنه عقد جائز فبطل بالموت والجنون كالوديعة والوكالة وإن مات رب المال أو جن وأراد الوارث أو الولي أن يعقد القراض والمال عرض فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق يجوز لأنه ليس بابتداء قراض وإنما هو بناء على مال القراض فجاز ومنهم من قال لا يجوز وهو الصحيح لأن القراض قد بطل بالموت وهذا ابتداء قراض على غرض فلم يجز.
فصل: وإن قارض في مرضه على ربح أكثر من أجرة المثل ومات اعتبر الربح من رأس المال لأن الذي يعتبر من الثلث ما يخرجه من ماله والربح ليس من ماله وإنما يحصل بكسب العامل فلم يعتبر من الثلث وإن مات وعليه دين قدم العامل على الغرماء لأن حقه يتعلق بعين المال فقدم على الغرماء.
فصل: وإن قارض قراضاً فاسداً وتصرف العامل نفذ تصرفه لأن العقد بطل وبقي الإذن فملك به التصرف فغن حصل في المال ربح لم يستحق العامل منه شيئاً لأن الربح يستحقه بالقراض وقد بطل القراض فاما أجرة المثل فإنه ينظر فيه فإن لم يرض إلا بربح استحق لأنه لم يرض أن يعمل إلا بعوض فإذا لم يسلم له رجع إلى أجرة المثل وإن رضي من غير ربح بأن قارضه على أن الربح كله لرب المال ففي الأجرة وجهان: أحدهما لا يستحق وهو قول المزني لأنه رضي أن يعمل من غير عوض فصار كالمتطوع بالعمل من غير قراض والثاني أنه يستحق وهو قول أبي العباس لأن العمل في القراض يقتضي العوض فلا يسقط بإسقاطه كالوطء في النكاح وإن كان له على رجل دين فقال إقبض ملي عليك فعزل الرجل ذلك وقارضه عليه لم يصح القراض لأنه قبضه له من نفسه لا يصح فإذا قارضه عليه فقد قارضه على مال لا يملكه فلم يصح فإن اشترى العامل شيئاً في الذمة ونقد في ثمنه ما عزله لرب المال وربح ففيه قولان: أحدهما أن ما اشتراه مع الربح لرب المال لأنه اشتراه له بإذنه ونقد فيه الثمن بإذنه وبرئت ذمته من الدين لأنه سلمه إلى من اشترى منه بإذنه ويرجع العامل بأجرة المثل لأنه عمل ليسلم له الربح ولم يسلم فرجع إلى أجرة عمله والثاني أن الذي اشتراه مع الربح له لا حق لرب المال فيه لأن رب المال عقد القراض على مال لا يملكه فلم يقع الشراء له.
فصل: وإن اختلف العامل ورب المال في تلف المال فادعاه العامل وأنكره رب المال أو في الخيانة فادعاها رب المال وأنكر العامل فالقول قول العامل لأنه أمين والأصل عدم الخيانة فكان القول قوله كالمودع.
فصل: فإن اختلفا في رد المال فادعاه العامل وأنكره رب المال ففيه وجهان: