النخل أو على الودي إلى مدة لا تحمل لم يصح لأن يشتركا في الثمرة وذلك لا يوجد فإن عمل العامل فهل يستحق أجرة المثل؟ فيه وجهان: أحدهما لا يستحق وهو قول المزني لأنه رضي أن يعمل بغير عوض فلم يستحق لأجرة كالمتطوع في غير المساقاة والثاني أنه يستحق وهو قول أبي العباس لأن العمل في المساقاة يقتضي العوض فلا يسقط بالرضا بتركه كالوطء في النكاح وإن ساقاه إلى مدة قد تحمل وقد لا تحمل ففيه وجهان: أحدهما أنها تصح لأنه عقد إلى مدة يرجى فيها وجود الثمرة فأشبه إذا ساقاه إلى مدة توجد الثمرة فيها في الغالب والثاني أنها لا تصح وهو قول أبي إسحاق لأنه عقد على عوض موجود ولا الظاهر وجوده فلم يصح كما لو أسلم في معدوم إلى محل لا يوجد في الغالب فعلى هذا إن عمل استحق أجرة المثل لأنه لم يرض أن يعمل من غير ربح ولم يسلم له الربح فرجع إلى بدل عمله واختلف قوله في أكثر مدة الإجارة والمساقاة فقال في موضع سنة وقال في موضع يجوز ما شاء وقال في موضع يجوز ثلاثين سنة فمن أصحابنا من قال فيه ثلاثة أقوال: أحدها لا تجوز بأكثر من سنة لأنه عقد على غرر أجيز للحاجة ولا تدعو الحاجة إلى أكثر من سنة لأن منافع الأعيان تتكامل في سنة والثاني تجوز ما بقيت العين لأن كل عقد جاز إلى سنة جاز إلى أكثر منها كالكتابة والبيع إلى أجل والثالث أنها لا تجوز أكثر من ثلاثين سنة لأن الثلاثين شطر العمر ولا تبقى الأعيان على صفة أكثر من ذلك ومنهم من قال هي على القولين الأولين وأما الثلاثون فإنما ذكره على سبيل التكثير لا على سبيل التجديد وهو الصحيح فإن ساقاه إلى سنة لم يجب ذكر قسط كل شهر لأن شهور السنة لا تختلف منافعها وإن ساقاه إلى سنتين ففيه قولان: أحدهما لا يجب ذكر كل سنة كما إذا اشترى أعياناً بثمن واحد لم يجب ذكر قسط كل عين منها والثاني يجب لأن المنافع تختلف باختلاف السنين فإذا لم يذكر قسط كل سنة لم نأمن أن ينفسخ العقد فلا يعرف ما يرجع فيه من العوض ومن أصحابنا من قال القولان في الإجارة فأما في المساقاة فإنه يجب ذكر قسط كل سنة من العوض لأن الثمار تختلف باختلاف السنين والمنافع لا تختلف في العادة باختلاف السنين.
فصل: وإذا ساقاه إلى عشر سنين فانقضت المدة ثم أطلعت ثمرة السنة العاشرة لم يكن للعامل فيها حق لأنها ثمرة حدثت بعد انقضاء العقد إن طلعت قبل انقضاء المدة وانقضت المدة هي طلع أو بلح تعلق به حق العامل لأنها حدثت قبل انقضاء المدة.
فصل: ولا تجوز إلا على جزء معلوم فإن ساقاه على جزء مقدر كالنصف والثلث جاز لحديث ابن عمر فإن عقد على جزء غير مقدر كالجزء والسهم والنصيب لم يصح