ذلك قدراً لو كان مخالفاً للماء في صفاته لم يغيره لم يمنع وإن كان قدراً لو كان مخالفاً له غيره منع لأن الماء لما لم يغير بنفسه اعتبر بما يغيره كما نقول في الجناية التي ليس لها أرش مقدر لما لم يمكن اعتبارها بنفسها اعتبرت بالجناية على العبيد وإن تغير أحد أوصافه من طعم أو لون أو رائحة نظرت فإن كان مما يمكن حفظ الماء منه كالطحلب وما يجري عليه الماء من الملح والنورة وغيرهما جاز الوضوء به لأنه لا يمكن صون الماء عنه فعفي عنه كما عفي عن النجاسة اليسيرة والعمل القليل في الصلاة وإن كان مما يمكن حفظ الماء منه نظرت فإن مان ملحاً انعقد من الماء لم يمنع الطهارة به لأنه كان ماء في الأصل فهو كالثلج إذا ذاب فيه وإن كان تراباً طرح فيه لم يؤثر لأنه يوافق الماء في التطهير فهو كما لو طرح فيه ماء آخر فتغير به وإن كان شيئاً سوى ذلك كالزعفران والتمر والدقيق والملح الجبلي والطحلب إذا أخذ ودق وطرح فيه وغير ذلك مما يستغني الماء عنه لم يجز الوضوء به لأنه زال عنه إطلاق اسم الماء بمخالطة ما ليس بمطهر والماء مستغن عنه فلم يجز الوضوء به كماء اللحم وماء الباقلاء وإن وقع فيه ما لا يختلط به فتغيرت به رائحته كالدهن الطيب والعود ففيه قولان: قال في البويطي: لا يجوز الوضوء كما لا يجوز بما تغير بالزعفران وروى المزني أنه يجوز الوضوء به لأن تغيره عن مجاوره فهو كما لو تغير بجيفة بقربه وإن وقع فيه قليل كافور فتغير به ريحه ففيه وجهان: أحدهما لا يجوز الوضوء به كما لو تغير بالزعفران والثاني يجوز لأنه لا يختلط به وإنما تغير من جهة المجاورة.