الآبق فله دينار فرده رجل إلى باب البلد ثم هرب والثاني أنه يستحق بقدر ما عمله وهو الصحيح لأنه عمل بعض ما استؤجر عليه فأشبه إذا استؤجر على بناء عشرة أذرع فبنى بعضها ثم مات فإن قلنا إنه يستحق بعض الأجرة فهل تسقط الأجرة على العمل والمسافة أو على العمل دون المسافة على ما ذكرناه في القولين.
فصل: وإن أجر عبداً ثم أعتقه صح العتق لأنه عقد على منفعة فلم يمنع العتق كما لو زوج أمته ثم أعتقها ولا تنفسخ الإجارة كما لا ينفسخ النكاح وهل يرجع العبد على مولاه بالأجرة؟ فيه قولان: قال في الجديد لا يرجع وهو الصحيح لأنها منفعة استحقت بالعقد قبل العتق فلم يرجع ببدلها بعد العتق كما لو زوج أمته ثم أعتقها وقال في القديم يرجع لأنه فوت بالإجارة ما ملكه من منفعته بالعتق فوجب عليه البدل فإن قلنا يرجع بالأجرة كانت نفقته على نفسه لأنه ملك بدل منفعته فكانت نفقته عليه كما لو أجر نفسه بعد العتق وإن قلنا لا يرجع بالأجرة ففي نفقته وجهان: أحدهما أنها على المولى لأنه كالباقي على ملكه بدليل أنه يملك بدل منفعته بحق الملك فكانت نفقته عليه والثاني أنها في بيت المال لأنه لا يمكن إيجابها على المولى لأنه زاد ملكه عنه ولا على العبد لأنه لا يقدر عليها في مدة الإجارة فكانت في بيت المال.
فصل: وإن أجر عيناً ثم باعها من غير المستأجر ففيه قولان: أحدهما أن البيع باطل لأن يد المستأجر تحول دون فلم يصح البيع كبيع المغصوب من غير الغاصب والمرهون من غير المرتهن والثاني يصح لأنه عقد على المنفعة فلم يمنع صحة البيع كما لو زوج أمته ثم باعها ولا تنفسخ الإجارة كما لا ينفسخ النكاح في بيع الأمة المزوجة وإن باعها من المستأجر صح البيع قولاً واحداً لأنه في يده لا حائل دونه فصح بيعها منه كما لو باع المغصوب من الغاصب والمرهون من المرتهن ولا تنفسخ الإجارة بل يستوفي المستأجر المنفعة بالإجارة لأن الملك لا ينافي الإجارة والدليل عليه أنه يجوز أن يستأجر ملكه من المستأجر فإذا طرأ عليها لم يمنع صحتها وإن تلفت المنافع قبل انقضاء المدة انفسخت الإجارة ورجع المشتري بالأجرة لما بقي على البائع.
فصل: فإن أجر عيناً من رجل ثم مات أحدهما لم يبطل العقد لأنه عقد لازم فلا يبطل بالموت مع سلامة العقود عليه كالبيع فإن أجر وقفاً عليه ثم مات ففيه وجهان: أحدهما لا يبطل لأنه أجر ما يملك إجارته فلم يبطل بموته كما لو أجر ملكه ثم مات فعلى هذا يرجع البطن الثاني في تركة المؤجر بأجرة المدة الباقية لأن المنافع في المدة الباقية حق له فاستحق أجرتها والثاني تبطل لأن المنافع بعد الموت حق لغيره فلا ينفذ