للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغير عذر فإن قلنا لا يجب الرد قبل الطلب لم يضمن كالوديعة قبل الطلب وإن قلنا يجب ردها ضمن الوديعة بعد الطلب.

فصل: وإن تلفت العين التي استؤجر على العمل فيها نظرت فإن كان التلف بتفريط بأن استأجره ليخبز له فأسرف يجوز الوقود أو ألزقه بل وقته أو تركه في النار حتى احترق ضمنه لأنه هلك بعدوان فلزمه الضمان وإن استؤجر على تأديب غلام فضربه فمات فضمنه لأنه يمكن تأديبه بغير الضرب فإذا عدل إلى الضرب كان ذلك تفريطاً منه فلزمه الضمان وإن كان التلف بغير تفريط نظرت فإن كان العمل في ملك المستأجر بأن دعاه إلى داره ليعمل له أو كان العمل في دكان الأجير والمستأجر حاضر أو اكتراه ليحمل له شيئاً وهو معه لم يضمن لأن يد صاحبه عليه فلم يضمن من غير جناية وإن كان العمل في يد الأجير من غير حضور المستأجر نظرت فإن كان الأجير مشركاً وهو الذي يعمل له ولغيره كالقصار الذي يقصر لكل أحد والملاح الذي يحمل لكل أحد ففيه قولان: أحدهما يجب عليه الضمان لما روى الشعبي عن أنس رضي الله عنه قال: استحملني رجل بضاعة فضاعت من بين متاعي فضمنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن خلاس بن عمرو أن علياً رضي الله عنه كان يضمن الأجير وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي كرم الله وجهه أنه كان يضمن الصباغ والصواغ وقال لا يصلح الناس إلا ذلك ولأنه قبض العين لمنفعته من غير استحقاق فضمنها كالمستعين والثاني لا ضمان عليه وهو قول المزني وهو الصحيح قال الربيع: كان الشافعي رحمه الله يذهب إلى أنه لا ضمان على الأجير ولكنه لا يفتى به لفساد الناس والدليل عليه أنه قبض العين لمنفعته ومنفعة المالك فلم يضمنه كالمضارب وإن كان الأجير منفرداً وهو الذي يعمل له ولا يعمل لغيره فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: هو كالأجير المشترك وهو المنصوص فإن الشافعي رحمه الله قال: والأجراء كلهم سواء فيكون على قولين لأنه منفرد باليد فأشبه الأجير المشترك ومنهم من قال لا يجب عليه الضمان قولاً واحداً لأنه منفرد بالعمل فأشبه إذا كان عمله في دار المستأجر فإن قلنا إنه أمين فتعدى فيه ثم تلف ضمنه بقيمته أكثر ما كانت من حين تعدي إلى أن تلف لأنه ضمن بالتعدي فصار كالغاصب وإن قلنا إنه ضامن لزمه قيمته أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف كالغاصب ومن أصحابنا من قال يلزمه قيمته وقت التلف كالمستعير وليس بشيء.

فصل: وإن عمل الأجير بعض العمل أو جميعه ثم تلف نظرت؛ فإن كان العمل في

<<  <  ج: ص:  >  >>