للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا ارتفع العقد حصل القطع من غير عقد فلزمه أرشه ومتى قلنا إنه يستحق الأجرة لم يرجع بالخيوط لأنه أخذ بدلها فإن قلنا لا يستحق الأجرة فله أن يأخذ خيوطه لأنه عين ماله فكان له أن يأخذه.

فصل: إذا استأجر صانعاً على عمل من خياطة أو صباغة فعمل فهل له أن يحبس العين على الأجرة فيه وجهان: أحدهما لا يجوز لأنه لم يرهن العين عنده فلم يجز له احتباسها كما لو استأجره ليحمل له متاعاً فحمله ثم أراد أن يحبس المتاع على الأجرة والثاني يجوز لأن عمله ملكه فجاز له حبسه على العوض كالمبيع في يد البائع.

فصل: وإن دفع ثوباً إلى رجل فخاطه ولم يذكر له أجرة فقد اختلف أصحابنا فيه على أربعة أوجه: أحدها أنه تلزمه الأجرة وهو قول المزني رحمه الله لأنه استهلك عمله فلزمه أجرته والثاني أنه إن قال له خطه لزمه وإن بدأ الرجل فقال أعطني لأخيطه لم تلزمه وهو قول أبي إسحاق لأنه إذا أمره فقد ألزمه بالأمر والعمل لا يلزم من غير أجرة فلزمته وإذا لم يأمره لم يوجد ما يوجب الأجرة فلم تلزم والثالث أنه إذا كان الصانع معروفاً بأخذ الأجرة على الخياطة لزمه وإذا لم يكن معروفاً بذلك لم يلزمه وهو قول أبي العباس لأنه إذا كان معروفاً بأخذ الأجرة صار العرف في حق الشرط وإن لم يكن معروفاً لم يوجد ما يقتضي الأجرة من جهة الشرط ولا من جهة العرف والرابع وهو المذهب أنه لا يلزمه بحال لأنه بذل مال من غير عوض فلم يجب له العوض كما لو بذل طعامه لمن أكله وإن نزل رجل في سفينة ملاح بغير إذنه فحمله فيها إلى بلد لزمه الأجرة لأنه استهلك منفعة موضعه من السفينة من غير إذن فلزمه أجرتها وإن نزل فيها عن إذنه ولم يذكر الأجرة فعلى ما ذكرناه من الوجوه الأربعة في الخياطة وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>