المقصود وقدر أصحابنا ما يصاب منه بمائتين وخمسين ذراعاً وما لا يصاب بما زاد على ثلاثمائة وخمسين ذراعاً وفيما بينهما وجهان: فإن تراميا على غير غرض على أن يكون السبق لأبعدهما رمياً ففيه وجهان: أحدهما يجوز لأنه يمتحن به قوة الساعد ويستعان به على قتال من بعد من العدو والثاني لا يجوز لأن الذي يقصد بالرمي هو الإصابة فأما الأبعاد فليس بمقصود فلم يجز أخذ العوض عليه.
فصل: ويجب أن يكون الغرض معلوماً في نفسه فيعلم طوله وعرضه وقدر انخفاضه وارتفاعه من الأرض لأن الإصابة تختلف باختلافه فإن كان العقد في موضع فيه غرض معروف فأطلق العقد حمل عليه كما يحمل البيع بثمن مطلق في موضع فيه نقد متعارف على نقد البلد وإن لم يكن فيه غرض وجب بيانه والمستحب أن يكون الرمي بين غرضين لما روى عبد الدائم بن دينار قال: بلغني أن ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة وعن عقبة بن عامر أنه كان يرمي بين غرضين بينهما أربعمائة وعن ابن عمر أنه كان يختفي بين الغرضين وعن أنس أنه كان يرمي بين الهدفين ولأن ذلك أقطع للتنافر وأقل للتعب.
فصل: ويجب أن يكون موضع الإصابة معلوماً وأن الرمي إلى الهدف وهو التراب الذي يجمع أو الحائط الذي يبني أو إلى الغرض وهو الذي ينصب في الهدف أو الشن الذي في الغرض أو الدارة التي في الشن أو الخاتم الذي في الدارة لأن الغرض يختلف باختلافها فإن أطلق العقد حمل على الغرض لأن العرف في الرمي إصابة الغرض فحمل العقد عليه ويجب أن تكون صفة الرمي معلومة من القرع وهو إصابة الغرض أو الخزق وهو أن يثقب الشن أو الخسق وهو الذي يثقبه ويثبت فيه أو المرق وهو الذي ينفذ منه أو الخرم وهو أن يقع طرف الشن ويكون بعض السهم في الشن وبعضه خارجاً منه لأن الخزق لا يبين إلا بذلك فإن أطلق العقد حمل على القرع لأنه هو المتعارف فحمل مطلق العقد عليه فإن شرط قرع عشرة من عشرين وأن يحسب خاسق كل واحد منهما بقارعين جاز لأنهما يتساويان فيه وإن أصاب أحدهما تسعة قرعاً وأصاب الآخر قارعين وأربعة خواسق فقد نضله لأنه استكمل العشرة بالخواسق.
فصل: واختلف أصحابنا في بيان حكم الإصابة إنه مبادرة أو محاطة أو حوابي فمنهم من قال يجب بيانه فإن أطلق العقد لم يصح لأن حكمها يختلف وأغراض الناس فيها لا تتفق فوجب بيانه ومنهم من قال يصح ويحمل على المبادرة لأن المتعارف في الرمي وهو المبادرة واختلفوا في بيان من يبتدئ بالرمي فمنهم من قال يجب فإن أطلق