فصل: وإن كان النضال بين حزبين جاز وحكى عن أبي علي بن أبي هريرة أنه قال: لا يجوز لأنه يأخذ كل واحد منهم بفعل غيره والمذهب الأول لما رويناه في أول الكتاب من حديث سلمة بن الأكوع وينصب كل واحد من الحزبين زعيماً يتوكل لهم في العقد ولا يجوز أن يكون زعيم الحزبين واحداً كما لا يجوز أن يكون وكيل المشتري والبائع واحداً ولا يجوز إلا على حزبين متساويي العدد لأن القصد معرفة الحذق فإذا تفاضلا في العدد فضل أحدهما الآخر بكثرة العدد لا بالحذق وجودة الرمي ويجب أن يتعين الرماة كما قلنا في نضال الاثنين ولا يجوز أن يتعينوا إلا بالاختيار فإن اقترع الزعيمان على أن من خرجت عليه قرعة أحدهما كان معه لم يجز لأنه ربما أخرجت القرعة الحذاق لأحد الحزبين والضعفاء للحزب الآخر فإن عدل بين الحزبين في القوة والضعف بالاختيار ثم اقترع الزعيمان على أن من خرجت قرعته على أحد الحزبين كان معه لم يجز لأنه عقد معاوضة فلم يجز تعيين المعقود عليه فيه بالقرعة كالبيع ويجب أن يكون على عدد من الرشق معلوم فإن كان عدد كل حزب ثلاثة اعتبر أن يكون عدد الرشق له ثلث صحيح كالثلاث والستين وإن كانوا أربعة اعتبر أن يكون عدد الرشق له ربع صحيح كالأربعين والثمانين لأنه إذا لم يفعل ذلك بقي سهم ولا يمكن اشتراك جماعة في سهم واحد فإن خرج في أحد الحزبين من لا يحسن الرمي بطل العقد فيه لأنه بطل العقد فيه لأنه ليس بمحل في العقد وسقط من الحزب الآخر بإزائه واحد كما إذا بطل البيع في أحد العبدين سقط ما في مقابلته من الثمن وهل يبطل العقد في الباقي من الحزبين؟ فيه قولان بناء على تفريق الصفقة فإن قلنا لا يبطل في الباقي ثبت للحزبين الخيار في فسخ العقد لأن الصفقة تبعضت عليهم بغير اختيارهم فإن اختاروا البقاء على العقد وتنازعوا فيمن يخرج في مقابلة من الحزب الآخر فسخ العقد لأنه تعذر إمضاؤه على مقتضاه ففسخ ومن أصحابنا من قال: يبطل في الجميع قولاً واحداً لأن من في مقابلته من الحزب الآخر لا يتعين ولا سبيل إلى تعيينه بالقرعة فبطل في الجميع فإن نضل أحد الحزبين الآخر ففي قسمة المال بين الناضلين وجهان: أحدهما يقسم بينهما بالسوية كما يجب على المنضولين بينهم بالسوية فعلى هذا إن خرج فيهم من لم يصب استحق والثاني تقسم بينهم على قدر إصابتهم لأنهم استحقوا بالإصابة فاختلف باختلاف الإصابة ويخالف ما لزم المنضولين فإن ذلك وجب بالالتزام والاستحقاق بالرمي فاعتبر بقدر الإصابة فعلى هذا إن خرج فيهم من لم يصب لم يستحق شيئاً وبالله التوفيق.