للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في بعض الأيام دم الحيض وهو المحتدم القاني الذي يضرب إلى السواد وفي بعضها أحمر مشرق أو أصفر فإن حيضها أيام السواد بشرطين: أحدهما أن يكون الأسود لا ينقص عن أقل الحيض والثاني أن لا يزيد على أكثره والدليل عليه ما روي أن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أستحاض فأدع الصلاة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن دم الحيض أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق١" ولأنه خارج يوجب الغسل فجاز أن يرجع إلى صفته عند الإشكال كالمني فإذا رأت في الشهر الأول يوماً وليلة دماً أسود ثم أحمر أو أصفر أمسكت عن الصلاة والصوم لجواز أن لا يجاوز الخمسة عشر يوماً فيكون الجميع حيضاً وفي الشهر الثاني يلزمها أن تغتسل عند تغير الدم وتصلي وتصوم لأنا قد علمنا بالشهر الأول أنها مستحاضة فإن رأت في الشهر الثالث السواد في ثلاثة أيام ثم أحمر أو أصفر وفي الشهر الرابع رأت السواد في أربعة أيام ثم أحمر أو أصفر كان حيضها في كل شهر الأسود وإن رأت خمسة أيام دماً أحمر أو أصفر ثم رأت خمسة أيام دماً أسود ثم احمر الدم إلى آخر الشهر فالحيض هو الأسود وما قبل الأسود وما بعده استحاضة وخرج أبو العباس رضي الله عنه وجهين ضعيفين: أحدهما أنه لا تمييز لها لأن الخمسة الأول حيض لأنه دم بدأ بها في وقت يصلح أن يكون حيضاً والخمسة الثانية أولى أن تكون حيضاً لأنه في وقت يصلح للحيض وقد انضم إليه علامة الحيض وما بعدهما بمنزلتهما فيصير كأن الدم كله مبهم فيكون على القولين في المبتدأة غير المميزة والوجه الثاني أن حيضها العشر الأول لأن الخمسة الأول حيض بحكم البداية في وقت يصلح أن يكون حيضاً والخمسة الثانية حيض باللون وإن رأت خمسة أيام دماً أحمر ثم رأت دماً أسود إلى آخر الشهر فهي غير مميزة لأن السواد زاد على الخمسة عشر يوماً فبطلت دلالته فيكون على القولين في المبتدأة غير المميزة وخرج أبو العباس فيه وجهاً آخر إن ابتداء حيضها من أول الأسود إما يوم وليلة وإما ست أو سبع لأنه بصفة دم الحيض


١ رواه البخاري في كتاب الوضوء باب ٦٣. أحمد في مسنده "٦/٣٠٤، ٣٢٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>