فصل: وإن انكسر القوس أو انقطع الوتر أو أصابت يده ريح فرمى وأصاب حسب له لأن إصابته مع اختلاف الآلة أدل على حذقه فإن أخطأ لم يحسب عليه في الخطأ لأنه لم يخطئ بسوء رميه وإنما أخطأ بعارض وإن أغرق السهم فخرج من الجانب الآخر نظرت فإن أصاب حسب له لأن إصابته مع الإغراق أدل على حذقه فإن أخطأ لم يحسب عليه ومن أصحابنا من قال: يحسب عليه في الخطأ لأنه أخطأ في مد القوس والمنصوص هو الأول لأن الإغراق ليس من سوء الرمي وإنما هو لمعنى قبل الرمي فهو كانقطاع الوتر وانكسار القوس وإن انكسر السهم بعد خروجه من القوس وسقط دون الغرض لم يحسب عليه في الخطأ لأنه إنما لم يصب لفساد الآلة لا لسوء الرمي وإن أصاب بما فيه النصل حسب له لأن إصابته مع فساد الآلة دل على حذقه وإن أصابه بالموضع الآخر لم يحسب له لأنه لم يصب ولم يحسب عليه لأن خطأه لفساد الآلة لا لسوء الرمي.
فصل: وإن عرض دون الغرض عارض من إنسان أو بهيمة نظرت فإن رد السهم ولم يصل لم يحسب عليه لأنه لم يصل للعارض لا لسوء الرمي وإن نفذ السهم وأصاب حسب له لأن إصابته مع العارض أدل على حذقه وحكي أن الكسعي كان رامياً فخرج ذات ليلة فرأى ظبياً فرمى فأنفذه وخرج السهم فأصاب حجراً وقدح فيه ناراً فرأى ضوء النار فظن أنه أخطأ فكسر القوس وقطع إبهامه فلما أصبح رأى الظبي صريعاً قد نفذ فيه سهمه فندم فضربت به العرب مثلاً وقال الشاعر:
ندمت ندامة الكسعي لما ... رأت عيناه ما صنعت يداه
وإن رمى فعارضه عارض فعثر به السهم وجاوز الغرض ولم يصب ففيه وجهان: أحدهما وهو قول أبو إسحاق أنه يحسب عليه في الخطأ لأنه أخطأ بسوء الرمي للعارض لأنه لو كان للعارض تأثير لوقع سهمه دون الغرض فلما جاوزه ولم يصب دل على أنه أخطأ بسوء رميه فحسب عليه في الخطأ والثاني أنه لا يحسب عليه لأن العارض قد يشوش الرمي فيقصر عن الغرش وقد يجاوزه وإن رمى السهم فأصاب الأرض وازدلف فأصاب الغرض ففيه قولان: أحدهما يحسب لأنه أصاب الغرض بالنزعة التي أرسلها وما