للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقطعه إياه ثم إن الأقرع بن حابس قال يا رسول الله إني قد وردت الملح في الجاهلية وهو بأرض ليس بها ملح ومن ورده أخذه وهو مثل الماء العد بأرض فاستقال أبيض بن حمال فقال أبيض قد أقلتك فيه على أن تجعله مني صدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو منك صدقة" وهو مثل الماء العد ومن ورده أخذه وإن كانت من المعادن الباطنة فإن قلنا إنها تملك بالإحياء جاز قطاعه لأنه موات يجوز أن يملك بالإحياء فجاز قطاعه كموات الأرض وإن قلنا لا تملك بالإحياء فهل يجوز إقطاعه فيه قولان: أحدهما يجوز إقطاعه لأنه يفتقر الانتفاع به إلى المؤن فجاز إقطاعه كموات الأرض والثاني لا يجوز لأنه معدن لا يملك بالإحياء فلم يجز إقطاعه كالمعادن الظاهرة فإذا قلنا يجوز إقطاعه لم يجز إلا ما يقوم به لما ذكرنا في إقطاع الموات.

فصل: ويجوز إقطاع ما بين العامر من الرحاب ومقاعد الأسواق للارتفاق فمن أقطع شيئاً من ذلك صار أحق بالموضع نقل متاعه أولم ينقل لأن للإمام النظر والاجتهاد فإذا أقطعه ثبتت يده عليه بالإقطاع فلم يكن لغيره أن يقعد فيه.

فصل: ولا يجوز لأحد أن يحمي مواتاً ليمنع الإحياء ورعى ما فيه من الكلأ لما روى الصعب بن جثامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا حمى إلا لله ولرسوله" فأما الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه كان يجوز له أن يحمي لنفسه وللمسلمين فإما لنفسه فإنه ما حمى ولكنه حمى المسلمين والدليل عليه ما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين وأما غيره من الأئمة فلا يجوز أن يحمي لنفسه للخبر وهل يجوز أن يحمي لخيل المجاهدين ونعم الجزية وإبل الصدقة وماشية من يضعف عن الإبعاد في طلب النجعة؟ فيه قولان أحدهما: لا يجوز للخبر والثاني يجوز لما روى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: أتى أعرابي من أهل نجد عمر فقال يا أمير المؤمنين بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الإسلام فعلام تحميها؟ فأطرق عمر رضي الله عنه وجعل ينفخ ويفتح شاربه وكان إذا كره أمراً فتل شاربه ونفخ فلما رأى الأعرابي ما به جعل يردد ذلك فقال عمر المال مال الله والعباد عباد الله فلولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت من الأرض شبراً في شبر قال مالك: نبئت أنه كان يحمل في

<<  <  ج: ص:  >  >>