ففيه وجهان: أحدهما يقر في يده لأنه أرجى لظهور نسبه والثاني لا يقر في يده لأنه يشقى بالتنقل في البدو.
فصل: وإن التقطه فقير ففيه وجهان: أحدهما لا يقر في يده لأنه لا يقدر على القيام بحضانته وفي ذلك إضرار باللقيط والثاني يقر في يده لأن الله تعالى يقوم بكفاية الجميع.
فصل: وإن تنازع في كفالته نفسان من أهل الكفاية قبل أن يأخذاه أخذه السلطان وجعله في يد من يرى منهما أو من غيرهما لأنه لا حق لهما قبل الأخذ ولا مزية لهما عن غيرهما فكان الأمر فيه إلى السلطان وإن التقطاه وتشاحا أقرع بينهما فمن خرجت عليه القرعة أقر في يده وقال أبو علي بن خيران: لا يقرع بينهما بل يجتهد الحاكم فيقره في يد من هو أحظ له والمنصوص هو الأول لقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}[آل عمران: ٤٤] ولأنه لا يمكن أن يجعل في أيديهما لأنه لا يمكن أحدهما لأنهما متساويان في سبب الاستحقاق ولا يمكن أن يسلم إلى غيرهما لأنه قد ثبت لهما حق الالتقاط فلا يجوز إخراجه عنهما فأقرع بينهما كما لو أراد أن يسافر بإحدى نسائه وإن ترك أحدهما حقه من الحضانة ففيه وجهان: أحدهما يدفع إلى السلطان فيقره في يد من يرى لأن الملتقط لا يملك غير الحفظ فأما إقرار اللقيط في يد غيره فليس ذلك إليه ولهذا لو انفرد بالالتقاط لم يملك أن ينقله إلى غيره والثاني وهو المذهب أنه يقر في يد الآخر من غير إذن السلطان لأن الحضانة بحكم الإلتقاط لا تفتقر إلى إذن السلطان ولهذا لو انفرد كل واحد منهما بالإلتقاط ثبت له الحضانة من غير إذن فإذا اجتمعا وترك أحدهما حقه ثبت للآخر كالشفعة بين شفيعين.
فصل: فأما إذا اختلفا في الإلتقاط فادعى كل واحد منهما أنه الملتقط ولم تكن بينة فإن لم يكن لأحدهما عليه أقره السلطان في يد من يرى منهما أو من غيرهما لأنه لا حق لهما وإن كان في يد أحدهما فالقول قوله مع يمينه لأن اليد تشهد له وإن كان في يدهما تحالفا فإن حلفا أو نكلا صارا كالملتقطين يقرع بينهما على المذهب وعلى قول أبي علي ابن خيران يقره الحاكم في يد من هو أحظ له فإن كان لأحدهما بينة قضى له لأن البينة أقوى من اليد والدعوى وإن كان لكل واحد منهما بينة فإن كانت بينة أحدهما أقدم تاريخاً قضى له لأنه قد ثبت له السبق إلى الإلتقاط وإن لم تكن له بينة أحدهما أقدم تاريخاً فقد تعارضت البينتان ففي أحد القولين تسقطان فيصيران كما لو لم تكن بينة وقد بيناه وفي القول الثاني تستعملان وفي الاستعمال ثلاثة أقوال: أحدها