للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل عليه قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: ١٣] فإن لم يكن لواحد منهما بينة عرض الولد على القافة وهم قوم بني مدلج من كنانة فإن ألحقته بأحدهما لحق به لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف السرور في وجهه فقال ألم تري إلى مجزز المدلجي نظر إلى أسامة وزيد وقد غطيا رؤوسهما وقد بدت أقدامهما فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض فلو لم يكن ذلك حقاً لما سر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل يجوز أن يكون من غير بني مدلج؟ فيه وجهان: أحدهما لا يجوز لأن ذلك ثبت بالشرع ولم يرد الشرع إلا في بني مدلج والثاني أنه يجوز وهو الصحيح لأنه علم يتعلم ويتعاطى فلم تختص به قبيلة كالعلم بالأحكام وهل يجوز أن يكون واحداً فيه وجهان: أحدهما أنه يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم سر بقول مجزز المدلجي وحده ولأنه بمنزلة الحاكم لأنه يجتهد ويحكم كما يجتهد الحاكم ثم يحكم والثاني لا يجوز أقل من اثنين لأنه حكم بالشبه في الخلقة فلم يقبل من واحد كالحكم في المثل من جزاء الصيد ولا يجوز أن يكون امرأة ولا عبداً كما لا يجوز أن يكون الحاكم امرأة ولا عبداً ولا يقبل إلا قول من جرب وعرف بالقيافة حذقه كما لا يقبل في الفتيا إلا قول من عرف في العلم حذقه وإن ألحقته بهما أو نفته عنهما أو أشكل الأمر عليها أو لم تكن قافة ترك حتى يبلغ ويؤخذان بالنفقة عليه لأن كل واحد منهما يقول أنا الأب وعلى نفقته فإذا بلغ أمرناه أن ينتسب إلى من يميل طبعه إليه لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال للغلام الذي أحلقته القافة بهما: وال أيهما شئت ولأن الولد يجد لوالده مالا يجد لغيره فإذا تعذر العلم بقول القافة رجع إلى اختيار الولد وهل يصح أن ينتسب إذا صار متميزاً ولم يبلغ؟ فيه وجهان: أحدهما يصح كما يصح أن يختار الكون مع أحد الأبوين إذا صار مميزاً والثاني لا يصح لأنه قول يتعين به النسب ويلزم الأحكام به فلا يقبل من الصبي ويخالف اختيار الكون مع أحد الأبوين لأن ذلك غير لازم ولهذا لو اختار أحدهما ثم انتقل إلى الآخر جاز ولا يجوز ذلك في النسب وإن كان لأحدهما بينة قدمت على القافة لأن البينة تخبر عن سماع أو مشاهدة والقافة تخبر عن اجتهاد فإن كان لكل واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>