للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى أعطاكم ثلث أموالكم في آخر آجالكم زيادة في حسناتكم١" وما ذكرناه ليس من الحسنات فلم تصح فيه الوصية فإن وصى ببيع ما له من رجل من غير محاباة ففيه وجهان: أحدهما يصح لأنه قصد تخصيصه بالتمليك والثاني لا يصح لأن البيع من غير محاباة ليس بقربة فلم تصح الوصية به وإن وصى لذمي جاز لما روي أن صفية وصت لأخيها بثلثها ثلاثين ألفاً وكان يهودياً ولأن الذمي موضع للقربة ولهذا يجوز التصدق عليه بصدقة التطوع فجازت له الوصية فإن وصى لحربي ففيه وجهان أحدهما: أنه لا تصح الوصية وهو قول أبي العباس بن القاص لأن القصد بالوصية نفع الموصى له وقد أمرنا بقتل الحربي وأخذ ماله فلا معنى للوصية له والثاني يصح وهو المذهب لأنه تمليك يصح للذمي فصح للحربي كالبيع.

فصل: واختلف قول الشافعي رحمه الله تعالى فيمن وصى لقاتله فقال في أحد القولين لا يجوز لأنه مال مستحق بالموت فمنع القتل منه كالميراث وقال في الثاني: يجوز لأنه تمليك يفتقر إلى القبول فلم يمنع القتل منه كالبيع فإن قتلت أم الولد مولاها عتقت لأن عتقها ليس بوصية بدليل أنه لا يعتبر من الثلث فلم يمنع القتل منه فإن قتل المدبر مولاه فإن قلنا إن التدبير عتق بالصفة عتق لأنه ليس بوصية وإنما هو عتق بصفة وقد وجدت الصفة تعتق وإن قلنا إنه وصية وقلنا إن الوصية للقاتل لا تجوز لم يعتق وإن قلنا إنها تجوز عتق من الثلث فإن كان على رجل دين مؤجل فقتله صاحب الدين حل الدين لأن الأجل حق للمقتول لا حظ له في بقائه بل الحظ في إسقاطه ليحل الدين ويقضي فيتخلص منه.

فصل: واختلف قوله في الوصية للوارث فقال في أحد القولين لا تصح لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا وصية لوارث٢" ولأنها وصية لا تلزم لحق الوارث فلم تصح كما لو أوصى بمال لهم من غير الميراث فعلى هذا الإجازة هبة مبتدأة يعتبر فيها ما يعتبر في الهبة والثاني تصح لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجوز لوارث وصية إلا إن شاء الورثة" فدل على أنهم إذا شاءوا كانت وصية


١ رواه ابن ماجة في كتاب الوصايا باب ٥.
٢ رواه البخالري في كتاب الوصايا ببباب ٦. أبو داود في كتاب الوصايا باب ٦. الترمذي في كتاب الوصايا باب ٥. النسائي في كتاب الوصايا باب ٥. ابن ماجة في كتاب الوصايا باب ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>