كما يخلفه الوارث في ثلثه فلما جاز أن يخلف الوارث الميت في هذه الأشياء جاز أن يخلفه الموصى له فإن وصى بمال الكتابة جاز لما ذكرناه فإن وصى برقبته فهو على القولين في بيعه.
فصل: فإن وصى بما تحمله الجارية أو الشجرة صحت الوصية لأن المعدوم يجوز أن يملك بالسلم والمساقاة فجاز أن يملك بالوصية ومن أصحابنا من قال: إذا قلنا إن الإعتبار بحال الوصية لم تصح لأنه لا يملك في الحال ما وصى به.
فصل: وتجوز الوصية بالمنافع لأنها كالأعيان في الملك بالعقد والإرث فكانت كالأعيان في الوصية ويجوز بالعين دون المنفعة وبالعين لواحد وبالمنفعة لآخر لأن المنفعة والعين كالعين فجاز فيهما ما جاز في العينين ويجوز بمنفعة مقدرة بالمدة وبمنفعة مؤبدة لأن المقدرة كالعين المعلومة والمؤبدة كالعين المجهولة فصحت الوصية بالجميع.
فصل: وتجوز الوصية بما يجوز الإنتفاع به من النجاسات كالسماد والزيت النجس والكلب وجلد الميتة لأنه يحل اقتناؤها للإنتفاع بها فجاز نقل اليد فيها بالوصية ولا يجوز بما لا يحل الإنتفاع به كالخمر والخنزير والكلب العقور لأنه لا يحل الإنتفاع ولا تقر اليد عليها فلم تجز الوصية بها.
فصل: ويجوز تعليق الوصية على شرط في الحياة لأنها تجوز في المجهول فجاز تعليقها بالشرط كالطلاق والعتاق ويجوز تعليقها على شرط بعد الموت لأن ما بعد الموت في الوصية كحال الحياة إذا جاز تعليقها على شرط في الحياة جاز بعد الموت.
فصل: وإن كانت الوصية لغير معين كالفقراء لزمت بالموت لأنه لا يمكن اعتبار القبول فلم يعتبر وإن كانت لمعين لم تلزم إلا بالقبول لأنه تمليك لمعين فلم يلزم من غير قبول كالبيع ولا يصح القبول إلا بعد الموت لأن الإيجاب بعد الموت فكان القبول بعده فإن قبل حكم له بالملك وفي وقت الملك قولان منصوصان: أحدهما تملك بالموت والقبول لأنه تمليك يفتقر إلى القبول فلم يقع الملك قبله كالهبة والثاني أنه موقوف فإن قبل حكمنا بأنه ملك من حين الموت لأنه لا يجوز أن يكون للموصي لأن الميت لا يملك ولا يجوز أن يكون للوارث لأن الوارث لا يملك إلا بعد الدين والوصية ولا يجوز أن يكون للموصي له لأنه لو انتقل إليه لم يملك رده كالميراث فثبت أنه موقوف وروى ابن عبد الحكم قولاً ثالثاً أنه يملك بالموت ووجهه أنه مال مستحق بالموت فانتقل به كالميراث.