معاجلة الموت فإذا اتصل بها الموت علم أنه لم يكن موته من هذه الأمراض وإن أشكل شيء من هذه الأمراض رجع إلى نفسين من أطباء المسلمين ولا يقبل فيه قول الكافر وإن ضرب الحامل الطلق فهو مخوف لأنه يخاف منه الموت وفيه قول آخر أنه غير مخوف لأن السلامة منه أكثر.
فصل: وإن كان في الحرب وقد التحمت طائفتان متكافئتان أو كان في البحر وتموج أو في أسر كفار يرون قتل الأسارى أو قدم للقتل في المحاربة أو الرجم في الزنا ففيه قولان: أحدهما أنه كالمرض المخوف يعتبر تبرعاته فيه من الثلث لأنه لا يأمن الموت كما لا يأمن في المرض المخوف والثاني أنه كالصحيح لأنه لم يحدث في جسمه ما يخاف منه الموت فإن قدم القتل القصاص فالمنصوص أنه لا تعتبر من الثلث ما لم يجرح واختلف أصحابنا فيه على طريقين فقال أبو إسحاق: هي على قولين قياساً على الأسير في يد كفار يرون قتل الأسارى ومن أصحابنا من قال: لا تعتبر عطيته من الثلث لأنه غير مخوف لأن الغالب من حال المسلم أنه إذا قدر رحم وعفا فصار كالأسير في يد من لا يرى قتل الأسارى.
فصل: وإن عجز الثلث عن التبرعات لم يخلو إما أن يكون في التبرعات المنجزة في المرض أو في الوصايا فإن كان في التبرعات المنجزة في المرض فإن كانت في وقت واحد نظرت فإن كانت في هبات أو محاباة قسم الثلث بين الجميع لتساويهما في اللزوم فإن كانت متفاضلة المقدار قسم الثلث عليها على التفاضل وإن كانت متساوية قسم بينها على التساوي كما يفعل في الديون وإن كان عتقاً في عبيد أقرع بينهم لما ذكرناه من حديث عمران بن الحصين ولأن القصد من العتق تكميل الأحكام ولا يحصل ذلك إلا بما ذكرناه فإن وقعت متفرقة قدم الأول فالأول عتقاً كان أو غيره لأن الأول سبق فاستحق به الثلث فلم يجز إسقاطه بما بعده فإن كان له عبدان سالم وغانم فقال لسالم: إن أعتقت غانماً فأنت حر ثم أعتق غانماً قدم عتق غانم لأن عتقه سابق فإن قال إن أعتقت غانماً فأنت حر حال عتق غانم ثم أعتق غانماً فقد قال بعض أصحابنا يعتق غانم لأن عتقه غير متعلق بعتق غيره وعتق سالم متعلق بعتق غيره فإذا أعتقناهما في وقت واحد احتجنا أن نقرع بينهما فربما خرجت القرعة على سالم فيبطل عتق غانم وإذا بطل عتقه بطل عتق سالم فيؤدي إثباته إلى نفيه فسقط ويبقى عتق غانم لأنه أصل ويحتمل عندي أنه لا يعتق واحد منهما لأنه جعل عتقهما في وقت واحد ولا يمكن أن نقرع بينهما لما ذكرناه ولا يمكن تقديم عتق أحدهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر