التبعيض وما رواه المزني خطأ في النقل والذي يقتضيه أن يوضع عنه الكل إذا شاء لأن قوله ما شاء عدم في الكل والبعض وقال أبو إسحاق: ما نقله الربيع صحيح على ما ذكرناه وما نقله المزني أيضاً صحيح فإنه يقتضي أن يبقى من الكل شيء لأنه لو أراد وضع الجميع لقال ضعوا عنه مال الكتابة فلما علقه على ما شاء دل على أنه لم يرد الكل فإن قال ضعوا عنه ما قل وما كثر وضع الوارث عنه ما شاء من قليل وكثير لأنه ما من قدر إلا وهو قليل بالإضافة إلى ما هو أكثر وكثير بالإضافة إلى ما هو أقل منه فإن قال ضعوا عنه أكثر نجومه وضع عنه أكثرها مالاً لأن إطلاق الأكثر ينصرف إلى كثرة المال دون طول المدة فإن قال ضعوا عنه أوسط النجوم واجتمع نجومه أوسط في القدر وأوسط في المدة وأوسط في العدد كان للوارث أن يضع أي الثلاثة شاء لأن الوسط يقع على الثلاثة فإن استوى الجميع في المدة والقدر وضع عنه الأوسط في العدد فإن كانت النجوم ثلاثة وضع عنه الثاني فإن كانت أربعة وضع عنه الثاني والثالث فإن كانت خمسة وضع عنه الثالث وعلى هذا القياس.
فصل: وإن كاتب عبده كتابة فاسدة ثم أوصى لرجل بما في ذمته لم تصح الوصية لأنه لا شيء له في ذمته فصار كما لو وصى بمال في ذمة حر ولا شيء له في ذمته وإن وصى له بما يقبضه منه صحت الوصية لأنه أضاف إلى مال يملكه فصار كما لو وصى له برقبة مكاتب إذا عجزه وفي هذا عندي نظر لأنه لا يملكه بالقبض وإنما يعتق بحكم الصفة كما يعتق بقبض الخمر إذا كاتبه عليه ثم لا يملكه وإن وصى برقبته والكتابة فاسد نظرت فإن لم يعلم بفساد الكتابة ففيه قولان: أحدهما أن الوصية جائزة لأنها صادفت ملكه والثاني أنها باطلة لأنه وصى وهو يعتقد أنه يملك الوصية وإن وصى بها وهو يعلم أن الكتابة فاسدة صحت الوصية قولاً واحداً كما لو باع من رجل شيئاً بيعاً فاسداً ثم باعه من غيره وهو يعلم فساد البيع الأول ومن أصحابنا من قال: القولان في الجميع ويخالف البيع فإن فاسده لا يجري مجرى الصحيح في الملك وفي الكتابة الفاسدة كالصحيح في العتق والصحيح هو الطريقة الأولى.
فصل: وإن وصى بحج فرض من رأس المال حج عنه من الميقات لأن الحج من الميقات وما قبله سبب إليه فإن وصى به من الثلث ففيه وجهان: أحدهما وهو قول أبي إسحاق أنه يحج عنه من بلده فإن عجز الثلث عنه تمم من رأس المال لأنه يجب عليه الحج من بلده والثاني وهو قول أكثر أصحابنا أنه من الميقات لأن الحج يجب بالشرع من الميقات فحملت الوصية عليه وإن أوصى أن يجعل جميع الثلث في الحج الفرض